تعيش جهة القصرين منذ حلول الذكرى الثانية لأحداث الثورة فيها اول هذا الشهر حالة كبيرة من الاحتقان و التوتر بلغت ذروتها هذا الاسبوع بسبب غياب اي مسؤول حكومي لاحياء موعد سقوط شهداء و جرحى القصرين و تالة بعد ان قدم الرؤساء الثلاثة في السنة الماضية للاحتفال بالذكرى الاولى .. و يتمركز اكثر الحراك الاحتجاجي في كل من تالة و القصرين ثم امتد اول الاسبوع الى سبيطلة و وصل في اخره الى حيدرة
مسيرات في القصرين
مدينة القصرين عرفت هذا الاسبوع اكثر من مسيرة كانت اكبرها يوم الثلاثاء 8 جانفي في ذكرى سقوط اولى شهداء المدينة لما خرج الآلاف من المتظاهرين يحملون « نعش التنمية» في مسيرة سلمية جابت اهم شوارع المدينة و تواصلت بوقفات احتجاجية و تعطل الدراسة في اغلب معاهد المدينة طوال الفترات الصباحية للمشاركة في التحركات السلمية .. ثم كان امس السبت اهالي القصرين على موعد مع التجمع العمالي الحاشد الذي دعت اليه الهيئة الادارية الجهوية لاتحاد الشغل و الذي برمجت اثره مسيرة كبيرة استنفرت للمشاركة فيها كل القواعد و الهياكل النقابية بالجهة و مختلف مكونات المجتمع المدني و السياسي
إضراب عام في تالة
اضاءت تالة منذ مساء الاثنين شموع الحداد و بكت كامل الليل شهداءها ثم انتظمت في المدينة مسيرة سلمية حاشدة يوم الثلاثاء انتهت في المقبرة للترحم على الشهداء الستة الذين قدمتهم المنطقة في الثورة .. ثم اقيم تجمع شعبي في المكان الذي سقط فيه كل الشهداء تقريبا بوسط المدينة عرضت فيه صورهم في شكل معرض حائطي يؤرخ للاحداث الدامية في تالة من 3 الى 12 جانفي 2011 .. و اول امس الجمعة شل اضراب عام كامل المدينة تعطلت فيه كل المؤسسات التربوية و الادارية و خرج الالاف من سكانها في مسيرة سلمية هي الاكبر هذا الاسبوع احتجاجا على غياب التنمية و التشغيل و للمطالبة بمحاكمة قتلة الشهداء الحقيقيين و محاسبتهم امام قضاء مستقل
مسيرتان في سبيطلة و حيدرة
المد الاحتجاجي السلمي وصل اول الاسبوع الى مدينة سبيطلة التي نظمت مكونات المجتمع المدني و السياسي فيها وقفة احتجاجية بساحة « ليموج» تلتها مسيرة جابت مختلف شوارع المدينة للمناداة بالتنمية و ايفاء الحكومة بالوعود التي قطعتها على نفسهما بتمكين جهتهم من حقها الذي حرمت منه طوال عقود .. و امس السبت بلغ الحراك اقصى شمال غرب الجهة حيث مدينة حيدرة الحدودية التي اصدر النقابيون و الناشطون السياسيون و مختلف جمعيات المجتمع المدني بها بيانا يدعو الى مسيرة سلمية بداية من العاشرة صباحا انطلقت من امام مقر الاتحاد المحلي للمعطلين عن العمل رفعت فيها شعارات تنادي باهم مطالب ابناء المنطقة و هي حسب البيان الذي دعا للمسيرة:
- سد الشغورات الحاصلة بادارات و مؤسسات الجهة بمعطلين عن العمل من ابناء المنطقة
- تنفيذ المشاريع التنموية التي برمجت سابقا ( منذ 2009 ) و تثبيت الادارات الخدماتية التي وعدت بها الحكومة سنة 2011
- اقرار و تفعيل مشروع «السوق الحرة» قرب المعبر الحدودي «السري» التي تمثل اهم مطلب لابناء المنطقة
- حل مشكلة جرحى الثورة بحيدرة و تشغيلهم( 6 شبان )
- ترسيم عملة الحظائر القارة و الآلية 16
تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي وغياب التنمية
كان الهدف الاساسي من وراء مختلف هذه التحركات تذكير الحكومة ان جهة القصرين التي قدمت اكثر الشهداء و الجرحى و شهدت اعنف احداث الثورة و كان الرئيس المخلوع سيقصفها بالطائرات الحربية لم يتغير فيها شيء يذكر طوال سنتين و ان الوضع الاجتماعي و الاقتصادي فيها اصبح اكثر تدهورا عما كان عليه قبل الثورة و ان المشاريع المحدودة التي رصدت لها في ميزانيتي 2011 و 2012 لم تعرف طريقها للانجاز بعد و البطالة و الفقر في ارتفاع مستمر الى درجة ان بعض المناطق الريفية اصبحت مهددة ( دون مبالغة) حسب ما يؤكده ابناؤها بالمجاعة و ان التنمية التي تحدثت عنها الحكومة غابت تماما و الاستثمارات الخاصة لم يصل منها شيء يذكر .. اضافة الى المطالبة بغلق ملف الشهداء و الجرحى الذي ما يزال يمثل في القصرين جرحا ينزف خيّم بشكل كبير على اجواء الجهة و القى بظلاله على كل مظاهر الحياة فيها و مثّل مصدر توترات عديدة ..
غلق الطرقات في حيدرة وتالة وسبيطلة
تميزت التحركات الاحتجاجية لابناء الجهة في كل المدن المذكورة بسلميتها و ابتعادها عن الفوضى و الاضطراب و لم تشهد اي انفلات او عنف باستثناء حالات محدودة جدا قام بها بعض الشبان الغاضبين الذين خرجوا عن « الموضوع» و تصرفوا خارج قواعد التاطير و الانضباط التي وضعها منظموها من فعاليات المجتمع المدني تجسمت في غلق الطرقات و اشعال الاطارات المطاطية اول الاسبوع في سبيطلة كرد على قيام البلدية بتهديم بعض الاكشاك العشوائية .. و اغلاق مدخلي مدينة تالة الجنوبي ( في اتجاه القصرين ) و الشمالي ( طريق الكاف) اول امس الجمعة بالعجلات المشتعلة تمهيدا للمسيرة التي انتظمت يومها .. و اقدام مجموعة من الشبان ليلة اول امس (مساء الجمعة) في حيدرة على قطع الطريق المؤدية الى القلعة الخصباء بالحجارة و العجلات المحترقة «لتسخين الاجواء» استعدادا لمسيرة الامس و قد اثار هذا التصرف استياء بعض الناشطين السياسيين الذين اكدوا لنا صباح امس انسحابهم من المشاركة في المسيرة ..
هذا و من المنتظر ان يعود الهدوء الى الجهة تدريجيا بعد الاحتفال بالذكرى الثانية لثورة 14 جانفي رغم ان بعض الناشطين السياسيين و اعضاء جمعيات المجتمع المدني اكد انه لا مجال لاي مظهر احتفالي و ان الجهة في حداد و غضب متواصلين و يريدون ان يتجدد الحراك الاحتجاجي السلمي بصفة يومية الى ان تلتفت الحكومة الى الجهة و تعيد لها اعتبارها بالتدخل و القيام باستثمارات عمومية هامة ضمن ميزانية 2013 تعوض غياب مبادرات القطاع الخاص التي تاخرت كثيرا و قد لا تاتي بالمرة .. و الحرص على تذليل كل العقبات التي عطلت انجاز المشاريع التنموية المبرمجة سنتي 2011 و2012.