لتونسي الذي فاجأ العالم بثورة سلميّة وبتحضر في معاملاته خلال الثورة، تحوّل الى كائن متشنج وعنيف بعدها لتتكاثر الاحتجاجات والمشاجرات وعمليات الانتحار وتبادل العنف… والحرق…
«الشروق» حاولت تسليط الضوء على واقع العنف عند التونسي بعد الثورة… وحاولت معرفة إن كان التونسي عنيفا بطبعه وأسباب تغيّر «مزاجه»… كما حاولت تحليل شخصية التونسي بعد الثورة وعلاقة حرق بعض الزوايا وأضرحة الصالحين بتصاعد موجة العنف..
ارتفعت وتيرة الاحتجاجات والاعتصامات بعد الثورة… وتزايدت أعداد المقدمين على الانتحار والمهددين بالمشانق الجماعية… كما تزايدت حالات العنف واضرابات الجوع، و«التلاسن» والشتائم على صفحات الجرائد وفي المساحات الاعلامية الفرعية والمسموعة والمكتوبة.
ويرجع بعض المختصين العنف في تونس الى عهد ما قبل الثورة لكن هذا العنف كان ينحصر في الملاعب وفي الشارع وفي مظاهر العنف الأديولوجي والعنف اللفظي… ويتساءل البعض إن كان هذا العنف نتاج فترة انتقالية ديمقراطية أم هو عنف مرضي.
إحباط لا خوف
تحدّث الدكتور حبيب تريعة الى «الشروق» عن أسباب العنف بعد الثورة، وقال إن العنف بعد الثورة يختلف عن عنف التونسي قبلها.وفسّر الدكتور في علم النفس وعلم الاجتماع عنف التونسي بعدم تلبية مطالبه التونسي وانتظاراته بعد الثورة.
ووصف تصاعد حالات العنف بأنها انطلقت بالاحتجاجات ثم الاعتصامات، ثم اضراب الجوع وتكميم الأفواه، ولم يشعر التونسي بأن طلباته بصدد التلبية فمرّ الى مراحل أخرى من ممارسة العنف لا تجاه نفسه بل تجاه الآخر.
وقال: «عندما يطلب الفرد شيئا ما ولا يقع تلبيته فالتصعيد يتواصل وتتضارب الأفكار. وتتصاعد حدّة الصراع مع الآخر».واعتبر الانتحار وإضرابات الجوع شكلا من أشكال العنف ونبّه من تزايد حالات وموجات العنف.
بعيدا عن الجبـن
«التونسي لم يكن يوما كائنا يخاف أو جبانا… لكن لديه طاقة تحمل وصبر كبيرين وهو ما يثبته التاريخ».
هكذا تحدث الدكتور حبيب تريعة عن شخصية التونسي ومجيبا عن سؤال إن كان الخوف هو ما كان يلجم التونسي عن القيام بردّة فعل عنيفة. وأضاف بأن ما كان يقوم به التونسي هو عملية تخزين لكن وعندما ينفد مخزون الصبر يثور. فهو يتفادى المشاكل لا أكثر، وهو كائن يميل للسلاسة والخبث السلمي ويعرف أن المواجهة تضرّ… لكن عند نفاد الصبر تكون ردّة فعله خطيرة.
وشبّه ما يحدث للتونسي من تصاعد للعنف بالجرثومة التي تنمو إذا ما كان الوسط والمناخ ملائمين للتوسع والتصاعد.ولاحظ أن التونسي البسيط يشعر بالجور وغياب العدل خاصة بملاحظة أجور أعضاء المجلس التأسيسي والحكومة، ويرى أنه صنع الثورة وفقد الأبناء ولم ينل ما ناله الآخرون.
ومع الشعور بغياب القانون ودولة المؤسسات وتزايد الأزمة الاقتصادية والبطالة يصاب التونسي بالاحباط ويخيب الظن ويتزايد التعبير عن الغضب من خلال ممارسة العنف على الآخر بعد أن كان العنف مسلطا على الأنا.
وحذر المختص في علم النفس من غياب دولة القانون ومن الدخول في دولة الغاب حيث لا قانون سوى قانون الأنا والهمجية ونبه من اللجوء الى السلاح ووصول التونسي الى العنف المسلح.