كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتدياً رداء الإيمان ملتحفاً بلحاف الحياء مئتزراً بإزار الأخلاق،

(كان أشد حياءً من العذراء (البكر) في خدرها (سترها)) (رواه البخاري)،

كان يستحي مما تستحي منه الملائكة، صرح بذلك حين دخل عليه عثمان رضي الله عنه
وكان مضطجعاً، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوى ثيابه وقال:
((أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ)). (رواه
مسلم).


في ليلة زواجه بإحدى أمهات المؤمنين جاءه صحابته
ليطعموا من وليمته فتأخروا في مجلسهم عندهم حتى شقَّ عليه فتولَّى ربه عز
وجل أمره، فأنزل عليه قوله تعالى:

{فَإِذَا طَعِمْتُمْ
فَانتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي
النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ
الْحَقِّ} (الأحزاب: 53)،

فما دفع به إلى السكوت إلا حياؤه عليه الصلاة والسلام.
وجاءته امرأة على استحياء تسأله في تطهير المرأة نفسها، فأفتاها فلم تفهم
فثنَّت وأعادت، فغلبه الحياء حتى أعرض من شدته، وأغضى عنها.. (رواه
البخاري)

يُغضي حياءً ويُغضَى من مهابته ** فلا يُكَلَّمُ إلا حين يبتسمُ

وهو القائل:

(الْحَيَاءُ مِنْ الْإِيمَانِ، وَالْإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ،
وَالْبَذَاءُ مِنْ الْجَفَاءِ، وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ) (رواه الترمذي،
وصححه الألباني)،

و(الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ) (رواه مسلم)
لذا هو مانع من الوقوع في المعصية أو التقصير في الطاعة، فهو كالداعي إلى
باقي الشعب؛ إذ الحيي يخاف فضيحة الدنيا والآخرة فيأتمر وينزجر، و

(الحياء والإيمان قرنا جميعا فإذا رفع أحدهما رفع الآخر) (المستدرك على الصحيحين، وصححه الألباني).

وإذا كانت منزلة الحياء في الإسلام على هذه الدرجة الرفيعة، فلا عجب أن
يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم الناس اتصافاً بهذا الخلق الرفيع،
فقد كان أكثر الناس حياءً، وأشدهم تمسكًا والتزامًا بهذا الخلق الكريم، فقد
حاز صلى الله عليه وسلم من الحياء على الحظ الأوفر، والنصيب الأكبر.فـ

(الْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ) (رواه البخاري).


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]