يقول الله تبارك وتعالى في سورة الطور " وَالَّذِينَ
آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ
ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ
امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ * وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ
مِّمَّا يَشْتَهُونَ * يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لّا لَغْوٌ فِيهَا
وَلا تَأْثِيمٌ * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ * وَأَقْبَلَ
بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ
فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ
السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ
الرَّحِيمُ * "
يخبر الحق
سبحانه وتعالى عن فضله وكرمه ، وامتنانه ولطفه بخلقه وإحسانه : أن المؤمنين
إذا اتبعتهم ذرياتهم في الإيمان يلحقون بآبائهم في المنزلة وإن لم يبلغوا
عملهم ، لتقر أعين الآباء بالأبناء عندهم في منازلهم ، فيجمع بينهم على
أحسن الوجوه ، بأن يرفع الناقص العمل ، بكامل العمل ، ولا ينقص ذلك من عمله
ومنزلته ، للتساوي بينه وبين ذاك ولهذا قال : " ألحقنا بهم ذريتهم وما
ألتناهم من عملهم من شيء "
قال الثوري ،
عن عمرو بن مرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : إن الله ليرفع ذرية
المؤمن في درجته ، وإن كانوا دونه في العمل ، لتقر بهم عينه ثم قرأ :
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ
أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم
مِّن شَيْءٍ"
رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من حديث سفيان الثوري ،وكذا رواه ابن جرير من
حديث شعبة عن عمرو بن مرة. ورواه البزار ، عن سهل بن بحر ، عن الحسن بن
حماد الوراق ، عن قيس بن الربيع ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد ، عن ابن عباس
مرفوعا ، فذكره ، ثم قال : وقد رواه الثوري ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد عن
ابن عباس موقوفا .
وقال ابن
أبي حاتم : حدثنا العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي ، أخبرني محمد بن شعيب
أخبرني شيبان ، أخبرني ليث ، عن حبيب بن أبي ثابت الأسدي ، عن سعيد بن
جبير ، عنابن عباس في قول الله عز وجل : وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ
ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ قال : هم
ذرية المؤمن ، يموتون على الإيمان : فإن كانت منازل آبائهم أرفع من منازلهم
ألحقوا بآبائهم ، ولم ينقصوا من أعمالهم التي عملوا شيئا .
وقال الحافظ
الطبراني : حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ، حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن
غزوان ، حدثنا شريك ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس -
أظنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا دخل الرجل الجنة سأل عن
أبويه وزوجته وولده ، فيقال : إنهم لم يبلغوا درجتك . فيقول : يا رب ، قد
عملت لي ولهم . فيؤمر بإلحاقهم به ، وقرأ ابن عباس ( وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ
ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ ) الآية .
وقال العوفي ،
عن ابن عباس في هذه الآية : يقول : والذين أدرك ذريتهم الإيمان فعملوا
بطاعتي ، ألحقتهم بإيمانهم إلى الجنة ، وأولادهم الصغار تلحق بهم .
وهذا راجع
إلى التفسير الأول ، فإن ذاك مفسر أصرح من هذا . وهكذا يقول الشعبي ، وسعيد
بن جبير ،وإبراهيم ، وقتادة ، وأبو صالح ، والربيع بن أنس ، والضحاك ،
وابن زيد . وهو اختيار ابن جرير .
هذا فضله سبحانه وتعالى على الأبناء ببركة عمل الآباء ، وأما فضله على الآباء ببركة دعاء الأبناء ، فقد قال الإمام أحمد :
حدثنا يزيد ،
حدثنا حماد بن سلمة ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة
قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله ليرفع الدرجة
للعبد الصالح في الجنة فيقول : يا رب ، أنى لي هذه ؟ فيقول : باستغفار ولدك
لك " إسناده صحيح ، ولم يخرجوه من هذا الوجه ، ولكن له شاهد في صحيح مسلم ،
عن أبي هريرة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا مات ابن آدم
انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو
له "
نسأل الله تعالى أن يجمعنا
بوالدينا وأولادنا في جنات النعيم وأن يحلّ علينا رضاه فلا يسخط عنا أبدا
وأن يصلح أهلينا وذوي رحمنا وإخواننا وجميع المسلمين والمسلمات أجمعين إنه
سميع مجيب . آمين ، آمين.
آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ
ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ
امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ * وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ
مِّمَّا يَشْتَهُونَ * يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لّا لَغْوٌ فِيهَا
وَلا تَأْثِيمٌ * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ * وَأَقْبَلَ
بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ
فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ
السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ
الرَّحِيمُ * "
يخبر الحق
سبحانه وتعالى عن فضله وكرمه ، وامتنانه ولطفه بخلقه وإحسانه : أن المؤمنين
إذا اتبعتهم ذرياتهم في الإيمان يلحقون بآبائهم في المنزلة وإن لم يبلغوا
عملهم ، لتقر أعين الآباء بالأبناء عندهم في منازلهم ، فيجمع بينهم على
أحسن الوجوه ، بأن يرفع الناقص العمل ، بكامل العمل ، ولا ينقص ذلك من عمله
ومنزلته ، للتساوي بينه وبين ذاك ولهذا قال : " ألحقنا بهم ذريتهم وما
ألتناهم من عملهم من شيء "
قال الثوري ،
عن عمرو بن مرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : إن الله ليرفع ذرية
المؤمن في درجته ، وإن كانوا دونه في العمل ، لتقر بهم عينه ثم قرأ :
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ
أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم
مِّن شَيْءٍ"
رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من حديث سفيان الثوري ،وكذا رواه ابن جرير من
حديث شعبة عن عمرو بن مرة. ورواه البزار ، عن سهل بن بحر ، عن الحسن بن
حماد الوراق ، عن قيس بن الربيع ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد ، عن ابن عباس
مرفوعا ، فذكره ، ثم قال : وقد رواه الثوري ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد عن
ابن عباس موقوفا .
وقال ابن
أبي حاتم : حدثنا العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي ، أخبرني محمد بن شعيب
أخبرني شيبان ، أخبرني ليث ، عن حبيب بن أبي ثابت الأسدي ، عن سعيد بن
جبير ، عنابن عباس في قول الله عز وجل : وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ
ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ قال : هم
ذرية المؤمن ، يموتون على الإيمان : فإن كانت منازل آبائهم أرفع من منازلهم
ألحقوا بآبائهم ، ولم ينقصوا من أعمالهم التي عملوا شيئا .
وقال الحافظ
الطبراني : حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ، حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن
غزوان ، حدثنا شريك ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس -
أظنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا دخل الرجل الجنة سأل عن
أبويه وزوجته وولده ، فيقال : إنهم لم يبلغوا درجتك . فيقول : يا رب ، قد
عملت لي ولهم . فيؤمر بإلحاقهم به ، وقرأ ابن عباس ( وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ
ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ ) الآية .
وقال العوفي ،
عن ابن عباس في هذه الآية : يقول : والذين أدرك ذريتهم الإيمان فعملوا
بطاعتي ، ألحقتهم بإيمانهم إلى الجنة ، وأولادهم الصغار تلحق بهم .
وهذا راجع
إلى التفسير الأول ، فإن ذاك مفسر أصرح من هذا . وهكذا يقول الشعبي ، وسعيد
بن جبير ،وإبراهيم ، وقتادة ، وأبو صالح ، والربيع بن أنس ، والضحاك ،
وابن زيد . وهو اختيار ابن جرير .
هذا فضله سبحانه وتعالى على الأبناء ببركة عمل الآباء ، وأما فضله على الآباء ببركة دعاء الأبناء ، فقد قال الإمام أحمد :
حدثنا يزيد ،
حدثنا حماد بن سلمة ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة
قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله ليرفع الدرجة
للعبد الصالح في الجنة فيقول : يا رب ، أنى لي هذه ؟ فيقول : باستغفار ولدك
لك " إسناده صحيح ، ولم يخرجوه من هذا الوجه ، ولكن له شاهد في صحيح مسلم ،
عن أبي هريرة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا مات ابن آدم
انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو
له "
نسأل الله تعالى أن يجمعنا
بوالدينا وأولادنا في جنات النعيم وأن يحلّ علينا رضاه فلا يسخط عنا أبدا
وأن يصلح أهلينا وذوي رحمنا وإخواننا وجميع المسلمين والمسلمات أجمعين إنه
سميع مجيب . آمين ، آمين.