أسعد الله أوقاتكم بكل خير

أختي في الله

كوني له السكن


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

بعدَ فترة مِن الزواج – تطول أو تقصر – تشعُر بعض الزوجات أنهنَّ أمام رجل آخَر غير الذي ارتبطْنَ به، فالكلمات الجميلة غابتْ عن قاموسه، والإطراء لا يعرِف طريقَه إلى لسانه، والنتيجة فراغ عاطِفي يلفُّ حياتهنَّ، ويهدِّد مسيرة العائلات.

أعراض الفراغ العاطفي:
. أكَّدتْ كلُّ الدراسات أنَّ المرأة تحتاج لقدْر كبير من الحب والحنان في حياتها الزوجيَّة أكثرَ من الرجل؛ لذا فكل حالات الطلاق يكون سببُها عدمَ تفهُّم الزوج لهذه الحاجة الفِطرية عند الزوجة، وقد تتفاوت حاجةُ النساء للحبِّ والحنان مِن امرأة لأخرى، منهنَّ مَن تجعلها أساس سعادتها فلا تستطيع الاستِغناء عنها أبدًا، وقد يؤثِّر الفراغ الرُّوحي في تضخيم هذه المشكلة، حيث تُعاني المرأة مِن الفراغ العاطفي حينما تشعر بأنَّها غير جذَّابة، أو لا تُثير اهتمامَ الرجل فلا تسمع منه كلمات غزَل وحب وإعجاب، فتُحاصرها الهمومُ والأحزان، وتسقط ضحيةَ الإجهاد النفسي والفِكري، وتستسلم للجمود العاطفي، وتفقد التجاوبَ مع الطرَف الآخَر، وعندما تدرك الزوجةُ أنَّ الزوج لم يحقِّق لها الإشباعَ العاطفي والتفهُّم الكافي لمشاعرها تنتابها خيبةُ الأمل، وتدخل حلبة الصراع معه في محاولة لفرْض وجهة نظرها، والتغيير مِن عاداته وطبائعه في محاولةٍ للحصول على نصيبها من حبِّه وعطْفه واهتمامه.
ويشتدُّ الصراع بينهما حينًا ويتراخَى حينًا آخَر، بَيْدَ أنه يظل موجودًا؛ لأنهما لم يتفاهما منذ البداية على تحليل بعضهما ذاك التحليل المنطقي الواقعي، وتبدأ مرحلةُ النقد بالتفشِّي بين يوميات حياتهما، فهو يَسْخَر من أفكارها وهي تسْخَر من ذوقه في تنسيق الألوان، بعدَ أن كانَا يتبادلان الإعجابَ بأفكار وسلوك بعضهما البعض إبَّانَ شهر العسل!
هذا النقدُ المستمر ينتهي بأن يفقد كلٌّ منهما ثقتَه بنفسه مهما كانت قوتها، وإيمانه بذاته، فتتوتَّر الأعصاب ويغضب كلُّ شريك مِن شريكه، وقد يحقد عليه، وتتلبَّد أجواء حياتهما بمناخٍ عاصف مليء بالمتاعِب والمشاكل أيضًا!

. كثرة شكوى الزَّوْجات مِن أهمِّ أعراض الفراغ العاطفي؛ لأنَّها – كما يرى المختصُّون – تشكو مِن أجل استدرار عطْف الزوج الذي لا يعبأ بها، في محاولةٍ للظفر منه بأيِّ قدْر من الحب والحنان، والتعاطُف معها وجدانيًّا، عادة لا ينتبه الرجلُ إلا عندما تتفاقم الأمور، وقد كان بيده أن يتلافَى الوقوع في متاهات الخِلافات والمشاحنات، والجدال العقيم (فيمن) كان السبب في الجمود العاطفي.
فلو وجدتِ المرأة رجلاً يحنو عليها، ويرهف السمعَ لنبضات قلبها متى اشتكت مِن هموم وضغوطات الحياة المعاصِرة، لو أنَّه أحاطها برعايته وحبِّه، ورسَّخ لديها أنها سكنُه والزوجة الحبيبة التي لا غِنى له عنها، ومزَج بين الكلمة الحلوة الرقراقة والهديَّة الجذَّابة، وأن يُحيطها بعنايته، متَى أحسَّ أنها بحاجةٍ إليه لوجد حتمًا إنسانةً تذوب رقَّةً وعذوبة، ولغمرتْ حياته بحب وعطاء لا محدود، فليدرك الرجلُ الذكي مكْمنَ الداء؛ ليهتدي إلى الدواء.

المرأة تستطيع بأنوثتها وجمالها، ورقَّتها وحسن تعاملها مع الزوج أن تجعلَه يغمرها حبًّا وحنانًا، ويغدق عليها بالهدايا والرِّعاية، فتكسب قلبه، وتمتلك مشاعرَه، وتحوز على رِضاه، فتكون له عونًا على أن يقومَ بواجبه على أحسن ما يرام، فتكون الوردةَ الندية التي يفوح شذاها فتنجذب كلَّ حواسه إليها، فتتفجر في أعماقه ينابيعُ الخير والعطاء والحب الذي لا ينضب مَعينُه، ومتى سكبْتِ في شرايينه معاني الجمال مع الكثير مِن عذْب الكلام ستجدينه الإنسانَ الذي ذاب قلبُك شوقًا لوصاله.

الدراما تشعل الأزمة:
تزداد المرأة تعاسة حينما ترَى في الدراما العربية حياةً زوجيَّةً وردية اللون حالمة، كلٌّ من الزوجين يذوب رقَّةً وعذوبة، يتفنن كلٌّ منهما حتى في النداء، فلا تسمع إلا ما تتمنَّى وتتوق أن تسمعه مِن زوجها من كلام حبٍّ وغزَل وودّ لا مثيلَ له، ويُلفت انتباهَها البطلُ وهو يتجمَّل لزوجته، الأمر الذي تفتقده في واقعها، فلا ترضى أبدًا على حياتها الجامدة الباردة فتتَّسع الهوة بينهما، هو أيضًا ليس بأحسن حالاً منها؛ يظل طوال الوقت يُقارِن بين الفنَّانات الفاتنات وبين زوجته التي يشتاق أن يراها يومًا مثلهنَّ رائعة الجمال تسيل عذوبةً ورقَّة، يهفو قلبه وعقله إليها إنْ غاب عنها لحظةً، وكلما أحس أنَّ هذا مستحيل ازداد توتُّرًا ونفورًا، ولو باح كل منهما بما يُعانيه لكان خيرًا لكلٍّ منهما، ولكنَّه الجهل بالحقوق والواجبات وبسُبُل الحياة السعيدة والواقعية البعيدة عن مشاهدَ لا تَزيدنا إلا ابتعادًا عن جادَّة الصواب.


زوجتك مسؤوليتك:
بعضُ الأزواج تجده إذا كان بيْن أصدقائه ومعارفه أو مع الناس في سوقه، يُريهم من وجهه كلَّ بشاشة ولُطف، ومِن لسانه أعذبَ الكلمات، ومِن نفسه أطيب المعاملة، متناسيًا مشاعر زوجتِه التي هي في أمسِّ الحاجة إلى ملاطفته وعذْب كلامه وحنانه الذي يغمرها بلا حدود ولا حواجز ولا تحفُّظات، فإذا عاد إلى داره في المساء تجهَّم من الوجه، وكسَا نفسه برداء الهَيبة، وحبس حديثَه في نطاق الجد، ولم يتكلَّم إلا بمقدار!
وهذا السلوك مِنَ الزوج دافعه الأنانية وضعْف الوازع الديني، وبذلك يمهِّد لتحقيق آماله ومصالحه الدنيويَّة، فينسج لنفسه بيْن الناس سُمعةً طيبة، ويغرس في نفوسهم أنه أصدقُ الناس قولاً، وأبشُّهم وجهًا، وألطفهم معاملة، أما في داخل المنزل، حيث يكون وجهًا لوجه مع زوجته فإنَّ المطامع التي كانتْ تدعوه إلى أن يتجمَّل في حديثه ويُلاطِف في معاملته تختفي هنا نهائيًّا، ولا يبقَى أمامه من مطمع للاستمرار في تلك الملاطفة والظهور بمظهر الأخلاق الفاضِلة، إلا أن يبتغي مرضاةَ الله، وهذا الطبع يتطلَّب مستويات إيمانية عالية.

وللزوجة دور مهم جدًّا:
عزيزتي الزوجة، قبل أن تفكِّري في نيْل حقِّك العاطفي، عليك أن تَدرسي مليًّا الأسباب التي أدَّتْ إلى (هذا الفراغ القاسي، وأن تستعملي أفضلَ الوسائل لتحقيق عودة الزَّوْج إليك، ففي كثيرٍ من الأحيان تكون الزوجةُ هي المسؤولةَ عنِ انصراف الزوْج عنها، وبالتالي تدفعه إلى أن يشغل نفسَه بأمور غير ضروريَّة دائمًا؛ وذلك بإهمالها لنفسها أو إساءتها لعشرته.
وعمومًا فالمرأة قادرةٌ على لفْت انتباه الزوج إليها، خاصَّة إذا شعر أنَّها إلى جانبه، وتريد أن تكونَ معه وعندَها رغبةٌ في التضحية مِن أجْله.
إنَّ الزوجة الذكية تستطيع بأنوثتها وجمالها، ورقَّتها وحسن تعاملها مع زوجها أن تجعلَه يغمرُها حبًّا وحنانًا، ويغدق عليها بالهدايا والرعاية، فتكسب قلبه، وتمتلك مشاعره، وتحوز على رِضاه، فتكون له عونًا على أن يقوم بواجبه على أحسنِ ما يُرام.

تجارب ناجحة:
تقول أم نهيلة – بسعادة كبيرة -:
الحمدُ لله مرَّ على زواجي من (أبي محمد) أكثر مِن أربع سنوات، وما زال كما هو لم يتغيَّر، بل أجِده أكثرَ رقَّةً ومودَّة في تعامله معي؛ وذلك راجع لأمور عدَّة، أذكر منها: أنَّنا معًا منذ البداية اتفقْنا أن يكون لنا عملٌ لوجه الله نشترك فيه ونُبدع قدْرَ الإمكان، وهذا والحمد لله قد أعْطَى لحياتنا معنًى وبُعدًا آخر، تحدُث أحيانًا خلافات لكنَّنا لا ندعها تكبر وتَتَضَخَّم، عادةً ألجأ إلى الصمت ويُغادر هو المنزل إلى حين، صَمَتَتْ للحظات، ثم استطردت قائلةً والبسمة لم تفارقْ محياها:
وُجودي في عائلة متدينة علَّمني الكثير، فقد تعلمتُ أن أحترمَ الرجلَ وأُقدِّره، وألا أرفعَ صوتي عليه مهما كان، وهذا ساعدني كثيرًا في تجنُّب الخلافات والمشاكل.

تجارب ناجحة:
أما أبو محمد وهو تاجرٌ ناجح يقول والابتسامة تتراقص على شفتيه:
بما أنَّني تاجر فلقدْ تعلمتُ أن أبحث دومًا عن الرِّبح وأبتعد عن الخسارة ما استطعت، تعلَّمتُ الكثير قبل أن أصِل إلى هذا المستوى الرائِع في حياتي عمومًا، وفي حياتي الزوجيَّة خاصَّة، وقد مضى على زواجي ثمانيةُ أعوام، والحمدُ لله زوجتي إنسانة طيِّبة، وقد نَجَحْتُ في أن أستخرجَ طاقتها الكُبرى على البذل والعطاء، كلٌّ منا يعلم ما هو دَوره في مؤسَّستنا الصغيرة، ومتى أحسسنا أنَّ هناك أمرًا ما بدأ يُكدِّر صفو حياتنا معًا بحثْنا عن مصدره، وجلسْنا جِلسةَ عتاب ومحاسبة، كل منَّا يُصَرِّح بما يؤلمه ويُزعجه، فلا تنتهي الجلسة إلا وكَفِّي في كَفِّها أستمدُّ منها الدفء والحب والحنان، وأرى أنَّ الصراحة والبوح بما يُعانيه كلٌّ من الطرفين هو الحل الأنْجح في حلِّ المشاكل، وعودة النبْض الدافئ والمفعَم بالحبِّ إلى حياتنا معًا، كما أنَّني تعودتُ أن أُفاجئ زوجتي كلَّ مرة بهديَّة مختلفة، أحاول جاهدًا أن تكون دومًا رقيقةً مثلها.

تجارب ناجحة:
أما منال المُدَرِّسة فقدْ بدأت حديثها قائلة:
سنوات خمس هي عمرُ زواجي مِن الدكتور خليل، أستطيع أن أقول: إنَّني وُفِّقت في الاختيار أولاً، ثم في حياتي معه، فكلٌّ منا يعمل في مجال ينسجم مع الآخَر، فعندما يغيب في عمله أكون مُنشغلةً في عملي بين الكُتب والدفاتر، فلا أجد وقتًا لكي أشعرَ بالفراغ، حتى إنني أستغرب من الزوجة التي تشتكي مِن الفراغ العاطفي؛ إمَّا لأن ظروفي لم تسمحْ لهذا الإحساس الرهيب أن يكتسح وجداني، أو لأنَّه أمر تعطيه الأخريات أكبرَ مِن حجمه؛ كونه حالةً نفسية طارئة سرعان ما تختفي بعدمِ اللامبالاة والانشغال بأمور أخرى، كالعمل التطوُّعي أو الجماعي أو الدعوي، أن تعيش لكي تعطي الآخرين شعورًا رائعًا قد يطغَى على كلِّ المشاعر الأخرى بما فيها الفَراغُ العاطفي.
زوجي رجُلٌ عملي لا يتغاضَى عن حاجتي للعطف والحب والحنان، فهو دومًا يحاول أن يُعوِّضني كلما تسلَّل إليه الشعور أنه مقصِّر في حقِّي، فيعتني بالجانب النفسي كثيرًا، ويراه هو الأهم جدًّا في حياة كلٍّ منا، لا يترك الأمور تتفاقَم، فعندما يخطئ مثلاً يسارع إلى الاعتذار، فهو يؤمن أنه بهذا سيُسهِم كثيرًا في أن تظلَّ السكينة والحب والسعادة تُظلِّل حياتنا.

ختامًا نقول – وبالله التوفيق -:
لنا في رسولِ الله أُسوةٌ حَسَنة، فبرغم كلِّ أعبائه ورغم تحمُّله لرسالة سماويَّة جليلة، فإنَّه لم يجد حرجًا في أن يلاطِفَ زوجته السيدة عائشة – رضي الله عنها – بل كان يضحَك معها ويتودَّد إليها، وعندما سُئل – عليه الصلاة والسلام – من أحبُّ الناس إليك؟ قال: ((عائشة)) رضي الله عنها.
فما أعظمَك يا رسولَ الله، وما أجْملَ خُلقَك وسيرتَك!
صلَّى الله عليك وسلَّم تسليمًا كثيرًا.


أعجبني ونقلته لكم للفائدة