التونسية : 26 - 07 - 2012
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
دموعها
سبقت كلماتها و بصوت متقطع طرقت باب "التونسية" لتعرض مشكلها ، هي الزوجة
التي حرمت من زوجها بعد أن تم إيداعه السجن بتهمة القتل العمد مع سابقية
الإصرار و الترصد و هي الأم التي اضطرتها الظروف إلى أن تهجر ابنتها و
تتركها بين أهلها في مدينة القصرين
. هي السيدة "سماح بنت محمد بن نصيب زرقي" صاحبة بطاقة تعريف وطنية عدد
08218261 و المولودة بتاريخ 20 افريل 1977 موظفة بخطة ناضر أمن مساعد
بالشرطة الفنية ببوشوشة.
تبدأ السيدة سماح القصة بالقول وانه بتاريخ 12
جانفي 2011 و على اثر الأحداث التي عرفتها البلاد في تلك الفترة اجتمع
قرابة 200 شخص مساء أمام مركز الأمن بحي 18 جانفي بمنطقة التضامن تمهيدا
لعملية مداهمة لتكسيره وحرقه على غرار ما وقع بعدد كبير من مراكز الأمن
بمناطق مختلفة من الجمهورية التونسية مما استوجب دعوة تعزيزات إلى المكان و
تقسيم العناصر إلى مجموعتين الأولى تواجدت أمام مقر المركز والثانية
انتشرت فوق سطحه.
و تضيف السيدة سماح أن زوجها عريف أول في الحرس الوطني
السيد "الناصر بن الصادق العجمي " كان ضمن المجموعة المنتشرة فوق سطح
البناية عندما بدأت الاشتباكات أمام المقر مما اضطر احد الأعوان و هو
العريف "الشادلي البرهومي" إلى إطلاق النار عشوائيا في محاولة منه لإخافة
المتجمهرين وإبعادهم عن المقر و نظرا لظلمة المكان أصيب احد المتظاهرين و
هو الشاب "مجدي منصري" مما تسبب في وفاته.
و تقول السيدة سماح انه تمت
دعوة زوجها للتحقيق معه في هذه القضية يوم 9 جوان 2011 و توقيفه بتهمة قتل
المتظاهر "مجدي منصري" عمدا مع سابقية الإصرار و الترصد و قد تم الحكم في
قضيته يوم 19 جويلية الجاري و إيداعه السجن لمدة 20 سنة رغم أن كل الدلائل و
القرائن تثبت أن زوجها "الناصر العجمي" بريء من التهمة المنسوبة إليه
تاركا وراءه ابنة تبلغ من العمر سنة لم يتمكن من رؤيتها إلا يوما واحدا.
وقدمت
السيدة سماح مجموعة من الوثائق تؤكد من خلالها براءة زوجها حيث قدمت شهادة
مكتوبة باسم الوكيل "محمد سفيان الكوكي" رقم 21374 تابع لمركز الإيواء و
التوجيه بالوردية أكد فيها أن زميله العريف "الشادلي البرهومي" عمد إلى
إطلاق النار عشوائيا من مسدسه من نوع "قلوك" مما تسبب في إصابة احد
المتظاهرين و وفاته و أضاف انه تمكن من رؤية زميله البرهومي يطلق النار
نظرا لقربه منه كما انه حاول منعه و عمد إلى مسكه و السيطرة عليه إلا انه
قام بإطلاق النار و على إثرها سمع هتافات من بعض المتظاهرين .
و أكد
الوكيل "محمد سفيان الكوكي" أيضا انه لم يكن الوحيد الذي حضر الحادثة و
شاهدها وأن زميله المتهم في القضية "الناصر العجمي" كان متواجدا ساعة
الحادثة بسطح مقر المركز و بعيدا عن مكان تجمهر المواطنين و ليس له علاقة
بما حدث.
من جهة أخرى قدمت السيدة سماح وثيقة أخرى هي عبارة عن محضر عرض
وتعرف تم خلالها عرض زوجها المتهم "الناصر العجمي" على شاهد آخر والذي
يدعى "مروان الحدشي" و هو عون بالحماية المدنية الذي أكد أن شخصا اتصل به
مباشرة يوم الواقعة واستفسر عن حالة المصاب و بمعرفة أنه قد توفي قال لأحد
زملائه بكل تأثر بان لديه أبناء يرغب في تربيتهم و بإجراء عملية عرض المتهم
بعد حشره ضمن مجموعة من الشبان في مثل أوصافه و سنه لم يتعرف على أي احد
منهم مؤكدا أن من اتصل به لم يكن من بين المتواجدين .
وثيقة أخرى قدمتها
السيدة سماح ترى من خلالها أن تهمة القتل العمد مع سابقية الإصرار و
الترصد غير صحيحة هذا إذا اعتبرنا أن تهمة القتل قد ثبتت على المتهم و
الوثيقة عبارة عن تقرير حول الرصاصة التي وجدت بجثة الهالك و هي خرطوشة
عيار 9 مم "طويل" تتكون من رصاص مغلف بالنحاس الأصفر وتحمل على جسمها 6
أخاديد حلزونية متجهة نحو اليمين مما يدل على أنها مستعملة و قد تسطح جزء
صغير من جسمها بسبب اصطدامها بجسم أو أجسام صلبة أثناء مسارها .و بذلك
تتساءل السيدة السماح كيف يمكن لشخص تعمد قتل شخص آخر أن يوجه سلاحه إلى
هدف آخر حيث أن الرصاصة التي أصابت المرحوم مجدي اصطدمت بجسم صلب قبل أن
تصيبه و اكبر الظن أنها اصطدمت بالإسفلت و ارتفعت لتصيب الهالك مباشرة على
مستوى بطنه .
و قالت السيدة سماح أن الشهادات التي قدمت لإدانة زوجها
فيها تناقض حيث أن الهالك مجدي حسب الشهادات أصيب على مستوى نهج عدد 106
القريب من محل سكناه بينما يعتبر هذا النهج بعيدا عن مقر مركز الأمن بينما
تشير التقارير الأخرى إلى أن زوجها أصاب الهالك أمام المركز.
السيدة
سماح مقتنعة ببراءة زوجها العريف الأول بالحرس الوطني معتبرة أن عائلة
كاملة تفرقت جراء هذا الاتهام الباطل فإضافة إلى تواجد زوجها وراء القضبان
فإنها لم تتمكن من الاهتمام بابنتها و السهر على تربيتها حيث تركتها في
منزل والديها بالقصرين
منذ أن بلغت الأسبوعين وانتقلت إلى العيش في منزل أخ زوجها لمتابعة القضية
و تبلغ ابنتها اليوم سنة و شهرين كما أنها أصيبت بأمراض نفسية و عصبية
جراء الضغوطات التي تعيشها يوميا .
و تأمل السيدة سماح أن يرى الحق
النور وان ترى زوجها خارج حدود السجن وتتمنى أن يأخذ القاتل الحقيقي جزاءه
حتى لا يضيع أيضا حق الشاب الذي قتل في مقتبل عمره دون موجب حق و دون
ارتكاب ما يستحق هذا العقاب و حتى تتمكن ابنتها من العيش بصورة طبيعية
مثلها مثل بقية الأطفال بين والديها.
و لمزيد الخوض في تفاصيل هذه
القضية اتصلنا بالمحامي الأستاذ "منير بن صالحة" و هو واحد من 6 محامين
تجندوا للدفاع عن المتهم و الذي أكد أن لسان الدفاع مصدوم من قرار هيئة
المحكمة التي أعرضت دون موجب أو مبرر عن كل القرائن و الدلائل التي تثبت
استحالة ارتكاب المتهم لهذه الجريمة و خاصة الشهادة المفصلية التي قدمها
الوكيل "محمد سفيان الكوكي" كتابيا و التي أكد فيها رؤيته للقاتل عند
ارتكاب الجرم ورغم ذلك فان المحكمة اختارت أن يكون "الناصر العجمي" كبش
فداء و شخصا غير رمز حتى يزين به ملف قضية شهداء و جرحى الثورة لرفع الصبغة
السياسية المتواجدة في مثل هذه القضايا.
و أكد الأستاذ "منير بن صالحة"
أن المحكمة لم تعمل في إطار عادي بل عاشت ضغط الشارع و السياسة و بذلك طغت
على المحكمة الصبغة السياسية و استغل البعض هدا الملف ليركب على الأحداث و
يظهر في ثوب البطل.
و عبر الأستاذ بن صالحة عن أمله الكبير في جلسة
الاستئناف مؤكدا أنّه وزملائه مجندون لإثبات براءة موكلهم وسوف يقدمون كل
الحجج الدامغة التي لا تترك مجالا للشك حتى تعدل المحكمة من قرارها السابق .