منتديات ليالي تونس
۩۞۩ منتديات ليلي تونس ۩۞۩ ترحب بكم


عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
نتشرف بتسجيلكم معنا
شكرا
۩۞۩ ادارة النقابة الأساسية بالفوج الجهوي لحفظ النظام بقفصة ۩۞۩


منتديات ليالي تونس
۩۞۩ منتديات ليلي تونس ۩۞۩ ترحب بكم


عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
نتشرف بتسجيلكم معنا
شكرا
۩۞۩ ادارة النقابة الأساسية بالفوج الجهوي لحفظ النظام بقفصة ۩۞۩

منتديات ليالي تونس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ليالي تونسدخول

منتدى نقابي شامل ومنوع بادارة أمنية

مرحبا بكل اعضاء وزوار منتديات ليالي تونس- ونتمنى لكم تصفح مفيد ووقت سعيد بين صفحات منتداكم الغالي- ادارة المنتدى

الموضوعات المطروحة في المنتدى لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي كاتبها فقط
ادارة ومشريفي  منتديات ليالي تونس تتمنى لكم رمضان مبارك باذن الله

descriptionم23الاقرار في اثبات النسب.. الجزء الثاني والاخير

more_horiz

غير أن الاتجاه الغالب على فقه القضاء و جانب هام من شراح القانون في
تونس هو الاتجاه القائل بأن الإقرار و لئن ورد على إطلاقه بالفصل 68 م أ ش
إلا أنه لا يسمح بإثبات نسب ابن الزنا باعتبار أن ذلك ممنوع شرعا و اعتبر
الأستاذ حسين الفطناسي أن المشرع التونسي قد أهمل التعرض لابن الزنا في باب
النسب عن قصد نتيجة عدم اعترافه به بدليل أنه لا يسمح بإلحاقه بنسب أبيه و
هذا يفهم من الفصل 70 م أ ش الذي نص على أن الولد لا يثبت نسبه إلا إذا
ولد لتمام ستة أشهر فأكثر من حين عقد الزواج سواء كان زواجا صحيحا أو فاسدا
فلو كان المشرع يقر بنسب ابن الزنا لما احتاج لتحديد أدنى مدة للحمل في
هذا الفصل كما أن تنصيص الفصل 152 م أ ش على أن ابن الزنا يرث أمه و
قرابتها و ترثه أمه وقرابتها دليل على أن المشرع لو كان في نيته إثبات نسبه
لما حرمه من إرث والده، و ما دام قد حرمه من الإرث فمن باب أولى أن يحرمه
من النسب، إذ الأول متفرع عن الثاني. وتأسيسا على ذلك فإن الإقرار بالنسب
في م أ ش يجب أن يكون محله بنوة شرعية و التي لا تكون إلا في حدود قرينة
الفراش سواء كان الفراش صحيحا أو باطلا و ضرورة أن يتعلق الإقرار بعلاقة
شرعية هو ما يقتضيه مصطلح النسب ذاته لان النسب شرعا و تشريعا هو رابطة
البنوة الناشئة عن علاقة شرعية,

و بتعزز هذا الموقف بأحكام الفصل
439 م إ ع الذي نص على أنه لا عمل على الإقرار إذا كان مآله تعمير ذمة أو
إثبات أمر مما هو مخالف للقانون و الأخلاق الحميدة أو التخلص من حكم من
أحكام القانون. و قد تبلور هذا الاتجاه في فقه القضاء التونسي في معظم
القرارات و الأحكام الصادرة في مادة النسب و التي ترفض بصورة عامة الحكم
بثبوت النسب كلما انعدمت العلاقة الشرعية بين المقر ووالدة الطفل أو لأنه
اتضح أن والده اعترف صراحة بأنه ولد له من زنا .

بينما لا يبدو أن
الفصل 68 م أ ش يوجب على المقر أن يوضح نوع العلاقة الرابطة بينه وبين
والدة الطفل أو أنه يشترط إثبات الفراش حتى يصح الإقرار، إلا أن هذا الفصل و
لئن لم يشترط صراحة أن يكون الإقرار مبنيا على وجود رابطة شرعية بين المقر
ووالدة الطفل سواء كان زواجا شرعيا أو فاسدا فإنه لا يخرج عن كونه إقرار
بعلاقة شرعية بين المقر و المقر له إذ يعتبر هذا الإقرار حسبما استقر عليه
قضاء محكمة التعقيب التونسية في العديد من قراراتها غير جائز لأنه يهدف إلى
إثبات أمر مخالف للنظام العام و الأخلاق الحميدة على معنى الفصل 439 م إ ع
واعتبر الأستاذ الساسي بن حليمة أن محكمة التعقيب غير محقة في اعتبار أن
العلاقة بين ذكر و أنثى بلغا سن الرشد مخالفة للنظام العام و الأخلاق
الحميدة حال أنه لا يوجد أي نص قانوني يعاقب عليها إلا أن هذا الرأي لا
يبدو سليما من ناحيتين على الأقل فمن جهة أولى ليست جميع هاته العلاقات غير
مجرمة ذلك أن القانون التونسي يعاقب على جريمة الزنا و جرائم المواقعة دون
رضا المجني عليها أو إذا كان سنها دون العشرين سنة كاملة ، ومن جهة أخرى
فإن عدم و جود أي نص قانوني يعاقب على هذه الجريمة لا يعني أنها غير مخالفة
للنظام العام والأخلاق الحميدة ضرورة أن مفهوم الأخلاق أوسع نطاقا من
مفهوم القانون فضلا على أن العلاقات الجنسية الحرة الواقعة خارج إطار
الزواج لا جدال أنها مخالفة لأحكام الشريعة الاسلامية و التي تعتبر المصدر
المادي لم أ ش .

و لعل الاتجاه المتشدد في فقه القضاء التونسي و
المضيق في نطاق الإقرار بجعله غير كاف في حد ذاته لإثبات النسب ما دام
المقر لم يكن على علاقة زواج شرعي مع والدة المقر له فضلا عن وجوب عدم تضمن
الإقرار ما يخالف النظام العام و الأخلاق الحميدة و هو الذي دفع بالمشرع
إلى إقحام الإقرار كوسيلة لإثبات البنوة في القانون عـ75ـدد لسنة 1998 .و
نظرا للإطار العام لهذا القانون و الذي جاء منظما لوضعية الأطفال المهملين و
مجهولي النسب و مكرسا لبعض الحقوق لهم تجاه الأب البيولوجي فانه يمكن
القول أن الإقرار في هذا القانون إنما هو إقرار ببنوة طفل طبيعي مما يجعله
كافيا لوحده لثبوت البنوة بين المقر و الطفل المقر له دون حاجة لإثبات
الفراش الذي أقصاه المشرع تماما من وسائل الإثبات المعتمدة و دون حاجة أيضا
لاستبعاد العلاقة الخنائية.

و على خلاف ما ذهب إليه الأستاذ حافظ
بوعصيدة من عدم وجود فرق بين الإقرار بالنسب و الإقرار بالبنوة في القانون
عـ75ـدد سنة 1998 فإننا نرى أن الفرق واضح و جوهري بينهما، فالإقرار في م أ
ش يتعلق بإثبات نسب الطفل الشرعي في حين إن الإقرار بالبنوة في قانون 1998
إنما يتعلق بالطفل المهمل أو مجهول النسب أي بعبارة أخرى بالطفل الغير
الشرعي و بالتالي فإن العلاقة الشرعية مفقودة من أساسها. لكن هل يمكن
مجابهة الإقرار في إطار دعوى إسناد اللقب بأحكام الفصل 439 م إ ع الذي
اقتضى أنه:"لا يعتمد الإقرار في الصور الآتية... إذا كان مآله تعمير ذمة أو
إثبات أمر مما هو مخالف للقوانين أو الأخلاق الحميدة أو إثبات أمر لا يبيح
القانون القيام به." ؟ طبعا لا يجوز الاعتداد بأحكام هذا الفصل لأن القول
بخلاف ذلك يفرغ قانون 1998 من محتواه و يجعله عديم الجدوى ذلك أم مقصد
المشرع هو إيجاد حلول لوضعية طفل هو بالضرورة نتيجة علاقة غير شرعية
بالتالي فإن تحميل الأب البيولوجي بالتزاماته القانونية تجاه ابنه ثمرة
علاقة خنائية أمر يقتضيه القانون ذاته فضلا على أن الإقرار في هذه الصورة
سوف لن يتعلق أساسا بإثبات العلاقة الخنائية و إنما بإثبات علاقة البنوة
الطبيعية التي أصبح المشرع يعترف بها و يرتب عليها الآثار القانونية فالفصل
439 م إ ع لن يشكل عائقا أمام إثبات البنوة في قانون 28 أكتوبر 1998 طالما
أن هذا القانون يبيح و يخول إثبات البنوة الطبيعية، ثم إن قانون 1998 هو
نص خاص يسبق في التطبيق ما ورد بالفصل 439 م إ ع.

ب– شكل الإقرار :
على خلاف المشرع الفرنسي الذي يشترط أن يأخذ الإقرار بالبنوة شكل الحجة
الرسمية فإن المشرع التونسي بالفصل 68 م أ ش و بالفصل الأول من قانون 28
أكتوبر 1998 لم يبين شكل الإقرار و هو ما يؤكد أن إرادة المشرع تتجه إلى
اعتماد الإقرار كما ورد بالفصل 428 م إ ع الذي جاء فيه أن الإقرار قد يكون
حكمي أو غير حكمي وهو الحل الذي قبلته محكمة التعقيب التونسية بخصوص
الإقرار بالنسب و محكمة الاستئناف بالمنستير في خصوص الإقرار بالبنوة .
و قد عرف المشرع التونسي الإقرار الحكمي بأنه الاعتراف لدى الحاكم من
خصم أو من وكيله المأذون بخصوص ذلك و يطلق حكم الإقرار الحكمي حتى على ما
يصدر لدى الحاكم الذي لا نظر له في الدعوى أو في أثناء مرافعة أخرى.

فبالنسبة للإقرار المثبت للنسب الشرعي فإن تصريحات المتهم الواقع تلقيها
أثناء الدعوة الجزائية قد تبرز العلاقة الخنائية بين والدة الطفل والأب
المزعوم و بالتالي فإن المحكمة المدنية المتعهدة بدعوى إثبات النسب سترفض
في معظم الأحوال اعتماد هذا الإقرار لتعارضه مع ما استقر عليه فقه القضاء
التونسي من أن الإقرار المثبت للعلاقة الخنائية لا يصلح سببا لإثبات نسب
الطفل ثمرة هذه العلاقة .
أما بالنسبة للإقرار بالبنوة الطبيعية في
إطار التتبع الجزائي و إدانة الأب المزعوم من أجل إحدى جرائم المواقعة
فيمكن اعتماده من طرف المحكمة المدنية المتعهدة بغض النظر عن طبيعة العلاقة
بين الأم و الأب المزعوم. ذلك أنه على خلاف دعوى إثبات النسب فإن بنوة
الطفل في دعوى إسناد اللقب هي بنوة غير شرعية بالأساس و عليه فإن هذا
الإقرار يمكن اعتماده لإثبات العلاقة البيولوجية دون العلاقة القانونية .

و
الجدير بالذكر أن محكمة الاستئناف بالمنستير و سبقتها في ذلك المحكمة
الابتدائية بصفاقس اعتبرت أن الامتناع الغير المبرر للأب المزعوم للخضوع
إلى التحليل الجيني الذي طلبت إجراءه المستأنفة، بمثابة السكوت و اعتبرته
بناءا على ذلك إقرارا حكميا.

إلا أن هذا الحل و لئن كان من شأنه
إدخال النجاعة المطلوبة على أحكام هذا القانون حتى لا يبقى حبرا على ورق
كما عبرت عن ذلك محكمة الاستئناف بالمنستير إلا أنه غير مستساغ من الناحية
القانونية إذ أن رفض الإذعان للحكم التحضيري القاضي بإجراء التحليل الجيني
لا يمكن اعتباره سكوتا ، ذلك أن الأب المزعوم لم يصر على سكوته بل أنه أجاب
على الدعوى بنفيه أن يكون أبا للطفل و لكن من الممكن اعتبار ذلك الرفض
قرينة على البنوة.

و عموما اتخذ فقه القضاء التونسي مفهوما واسعا
للإقرار بالنسب سواء كان حكميا أو غير حكمي ، و الإقرار الغير حكمي عرفه
المشرع التونسي كما يلي :" الإقرار الغير الحكمي هو الذي لم يصدر لدى
الحاكم وقد يحصل من كل فعل مناف لما يدعيه الخصم ." وقد قبل فقه القضاء
التونسي الإقرار الغير الحكمي لإثبات النسب و اعتبرت محكمة التعقيب أن
الإقرار الغير الحكمي يمكن استنتاجه من كل تصرف أو فعل يمكن نسبته للمقر. و
الإقرار الغير الحكمي سواء تعلق بإثبات النسب أو بإثبات البنوة الطبيعية
يمكن أن يكون صريحا أو ضمنيا وهو ما أكدته محكمة التعقيب في أحد قراراتها
الذي جاء فيه أن :" الفصل 68 م أ ش اقتضى أن النسب يثبت بإقرار الأب و
المقصود من ذلك الإقرار الحكمي أو غير الحكمي و أضافت أن الإقرار الغير
حكمي قد يكون صريحا أو ضمنيا.بحيث يمكن للمحكمة أن تستخلص وجود الإقرار من
كتب بخط اليد أو من حجة رسمية تنتسب بصفة قاطعة لأب المزعوم كأن يكون عقد
هبة أو عقد وصية ذكر فيه صفة الموصى له أو الموهوب له كما اعتبر فقه القضاء
التونسي أن تصريح الأب لدى ضابط الحالة المدنية يمكن أن يستنتج منه إقرارا
غير حكمي بالنسب."

و تجدر الإشارة إلى أن بعض المحاكم قد تبنت
مفهوما واسعا للإقرار الغير حكمي المثبت للنسب بأن اعتبرت أن تصرفات الأب
وسلوكه تجاه الأم و مولودها يمكن أن يؤخذ منه إقرار ضمنيا بالنسب ،كدفع
معاليم الولادة

و تحمل مصاريف الدراسة والإنفاق على الطفل و غيره ،
غير أن محكمة التعقيب ذهبت إلى القول بخلاف ذلك في أحد قراراتها الذي جاء
فيه :" أن الفصل 69 م أ ش حصر الحجج التي يسوغ إلى القاضي الاستناد إليها
لإثبات النسب و تفريعا على ذلك يكون قابلا للنقض الحكم الذي إنبنى على مجرد
قرائن." فهذه الوقائع لا تعد حسب محكمة التعقيب إقرارا غير حكمي بالنسب. و
مهما يكن من أمر فإن الإقرار متى وقع صحيحا و مستوفيا لشروطه فإنه يرتب
آثاره القانونية.

الفقرة الثانية
آثار الإقرار و خصائصه
يترتب عن الإقرار بالنسب في م أ ش ثبوت رابطة النسب الشرعي بين الأب
المقر و الابن المقر له بالنسب وهو ما يؤدي إلى اعتبار الولد المعترف به
شرعيا من جميع النواحي و يترتب عن ذلك التزامات و حقوق متبادلة بين الابن و
أبيه . أما بالنسبة لإقرار بالبنوة في قانون 1998 فإنه يترتب عنه إسناد
اللقب العائلي للطفل و تخويله بالحقوق الممنوحة له بموجب هذا القانون على
أنه سواء تعلق الأمر بالإقرار في م أ ش أو بالإقرار في قانون 1998 فإن
للإقرار مفعول رجعي كما لا يمكن الرجوع فيه.

أ– المفعول الرجعي
للإقرار : إن الابن الذي يثبت نسبه من شخص بالإقرار يعتبر ابنا حقيقيا
للمقر فتجب له جميع حقوق الطفل الشرعي كذلك الشأن بالنسبة للإقرار بالبنوة
في قانون 1998 فيعتبر الابن المقر له ابنا حقيقيا للمقر و تثبت له جميع
الحقوق المقررة بهذا القانون و في كلا الحالتين لا يعد الإقرار إنشاء
لعلاقة الطفل بالمقر و إنما تصريح لهذه العلاقة بحيث تعتبر رابطة البنوة
قائمة بينهما من تاريخ الحمل بالطفل لا من تاريخ الإقرار بالبنوة أي أنه
للإقرار مفعول رجعي . و لا يخفى ما للمفعول الرجعي من فوائد عملية بالنسبة
للمقر له فيما يتعلق ببداية تمتعه بحقوقه تجاه المقر خاصة بالنسبة للطفل
الشرعي الذي يعتبر مستحقا للميراث من تاريخ الحمل.

و قد كرس المشرع
التونسي المفعول الرجعي للإقرار في قانون 1998 بصفة صريحة بصفة تجعله ينطبق
على جميع الحالات السابقة له في الزمان حسبما يؤخذ من صريح الفصل السادس
منه و الذي جعل من الإقرار باللقب يرتب آثاره بداية من تاريخ الحمل بالطفل و
الغرض من ذلك محاولة المشرع تسوية وضعية الأطفال الطبيعيين و تعويضهم عن
انعدام وجود تنظيم تشريعي لوضعيتهم قبل هذا القانون . غير أن الفصل السادس
من هذا القانون أورد استثناء هاما للمفعول الرجعي ذلك أنه استبعد من نطاق
مفعوله الرجعي الجانب المادي من حقوق الطفل الناشئة عن ثبوت بنوته تجاه
الأب بحيث أن الإقرار بالبنوة لا يترتب عنه مطالبة الأب بمبالغ النفقة
السابقة عن القيام بدعوى إسناد اللقب و ذلك تفاديا لما يمكن أن ينجر عن ذلك
من بقاء للمدين بالنفقة مهددا بدفع مبالغ هامة قد لا يتمكن من الوفاء بها
وهو ما يشكل حافزا للأب على الإقرار بالبنوة دون خشية المطالبة بالنفقة
بصفة رجعية مما يدعونا للتساؤل عن مدى جدوى المفعول الرجعي لهذا الإقرار. و
عموما فإن الحقوق المخولة للطفل بموجب الإقرار قد لا تكتسي أهمية تذكر إذا
كان الإقرار قابلا للرجوع فيه.

ب- عدم إمكانية الرجوع في الإقرار :

لم يتناول المشرع التونسي مسألة الرجوع في الإقرار بم أ ش إلا من جهة
الميراث فقد جاء بالفصل 74 م أ ش أنه :" إذا استلحق الرجل ولدا ثم أنكره
فإن مات المستلحق قبل الولد ورثه الولد بالإقرار الأول وإن مات الولد قبل
الأب لم يرثه الأب ووقف المال فإن مات هذا المستلحق صار هذا المال لورثته
."

فرغم أن رابطة النسب ترتب آثارا قانونية تتجاوز مجرد الحق في
الميراث لتشمل الحقوق المتعلقة بالحالة المدنية و النفقة و الحضانة و غير
ذلك فإن المشرع قد اقتصر على التعرض إلى مسألة الميراث فحسب، معطيا في ذلك
افتراضين لحالة استحقاق الولد ثم إنكاره فيما بعد من طرف المستلحق .
فالافتراض الأول يتعلق بوفاة المستلحق قبل الابن ففي هذه الحالة فإن الابن
يرثه بالإقرار الأول أما الافتراض الثاني فيتعلق بصورة وفاة الولد قبل
المستلحق فلا يرثه الأب في هذه الحالة ووقف المال فإن مات المستلحق صار
المال لورثته . فمن خلال أحكام هذا الفصل يمكن القول أن المشرع التونسي و
لئن أجاز للأب الرجوع في إقراره بالنسب إلا أنه حمله تبعة ذلك فيتحمل وحده
الآثار المترتبة عن نكوله دون الابن الذي تبقى حقوقه محفوظة و بالتالي فإنه
لا يبدو أن للأب أية مصلحة عملية من الرجوع في الإقرار إلا إذا أمكن
اعتبارها مصلحة معنوية إذا كان مقتنعا بعدم أبوته للطفل . فالرجوع في
الإقرار إذن غير معتبر في القانون التونسي إذ لو كان معتبرا لما ورث الولد
عند موت الأب الراجع في استلحاقه له فلا تأثير للرجوع في الإقرار على
الحقوق التي اكتسبها المقر له بالنسب بموجب الإقرار و كأن المشرع يفترض هنا
أن الإقرار يتطابق مع الحقيقة التي لا يمكن أن تكون محل تغيير أو تبديل من
طرف الإرادة المنفردة للمقر . و قد أقر المشرع التونسي هذه الآثار
المترتبة عن الرجوع في الإقرار بالفصل 74 م أ ش كجزاء للمقر على نكوله بحيث
يتحمل وحده تبعة ذلك وهو ما يعكس رغبة المشرع في ضمان وضعية مستقرة للطفل
المقر له بالنسب حتى لا يكون عرضة لأهواء و نزوات المستلحق وقد أكدت محكمة
التعقيب التونسية في مناسبات عديدة أن " الإقرار بالنسب غير قابل للرجوع
فيه سواء كان حكمي أو غير حكمي ."

أما بالنسبة للإقرار بالبنوة
في قانون 1998 و لئن أهمل المشرع التونسي التعرض إلى إمكانية الرجوع في هذا
الإقرار من عدمه لا صراحة و لا ضمنيا فإن الأرجح أن البنوة الثابتة
بالإقرار لا يجوز الرجوع فيها بموجب الإرادة المنفردة للمقر. ويتأسس هذا
الرأي على اعتبارين فمن جهة يعتبر الإقرار صحيحا قانونا وهو إقرار نهائي لا
رجوع فيه تطبيقا لمقتضيات الفصل 458 م إ ع و من جهة أخرى فإن إرادة المشرع
في هذا القانون كانت متجهة نحو إثبات البنوة و تمكين الطفل من الحقوق
المترتبة عن ذلك أكثر من استبعادها مما يتجه القول أنه لا يمكن إعدام آثار
هذه البنوة الثابتة بموجب الإقرار بمجرد قيام المقر بالرجوع في إقراره .
و لئن كان الإقرار بالبنوة غير قابل للرجوع فيه إلا أنه بإمكان كل ذي
مصلحة أن يقوم بدعوى في إبطاله إذا ثبت قطعا ما يخالف تطبيقا لأحكام الفصل
70 م أ ش كأن يتضح أن الولد المقر له معروف النسب أو أن شروط الإقرار كما
سلف بيانها لم تتوفر . فقرينة الصحة و المطابقة للواقع و القانون التي
ربطها المشرع بالإقرار بالبنوة ليست قرينة مطلقة و إنما هي قرينة بسيطة
يجوز معارضتها بإثبات ما يخالفها أو إقامة الحجة على أن الإقرار لم يستكمل
شروطه و أركانه القانونية طالما أن الإقرار بالبنوة لا يعدو أن يكون إلا
تصرفا قانونيا منشئا للالتزامات و على هذا الأساس يجوز للأب القيام بإبطال
الإقرار إذا أثبت أن إقراره ببنوة الطفل كان نتيجة طرق احتيالية قامت بها
الأم بما أقنعه بأبوته للطفل أو كان نتيجة غلط أو إكراه .

و عموما
فإن الإقرار بالنسب و الإقرار بالبنوة في قانون 1998 لا يكادان يختلفان
اختلافات كبيرة من حيث خصائصهما و شروطهما القانونية العامة وإنما يمكن
الاختلاف الجوهري بينهما في طبيعة العلاقة التي كانت رابطة بين الأب ووالدة
الطفل و قد يستدعي الأمر تدخل المحكمة المتعهدة بدعوى ثبوت النسب و ذلك من
طبيعة علاقة المقر بوالدة الطفل المقر له بالنسب و ذلك لتحديد القانون
المنطبق بحسب ما إذا كان الفصل 68 م أ ش أو الفصل الأول من قانون 28 أكتوبر
1998 إذا تعلق الأمر بإقرار بالعلاقة الخنائية أو تبين من أوراق الملف أن
الطفل من سفاح فللمحكمة أن تحور الدعوى لتصبح في إسناد لقب عائلي و ليس في
ثبوت نسب وهو حل قانوني سليم ينسجم مع وضعية الأطفال الغير شرعيين وهو الحل
الذي سعت إليه بعض المحاكم رغم ما في ذلك من خروج عن نصوص م أ ش من جهة و
عن أحكام الشريعة الإسلامية من جهة أخرى . فقانون 1998 وفر الإطار القانوني
الذي يخول إثبات بنوة الأطفال الغير شرعيين و عمل على التوسع في الوسائل
المثبتة لهذه البنوة بأن أبقى للإرادة الشخصية و أهمها الإقرار دورا هاما
في إثباتها.

descriptionم23رد: الاقرار في اثبات النسب.. الجزء الثاني والاخير

more_horiz
بارك الله فيك على المجهود

واصل التألق
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد