أحداث الجزائر ومالي تضرب السياحة التونسية؟
فاضل الطياشي
نشر في الشروق يوم 19 - 01 - 2013
هل تخيم التقلبات التي تعيشها مالي والجزائر بظلالها على السياحة في بلادنا خاصة بالنسبة للسوق الفرنسية ؟ سؤال بات متداولا بشدة هذه الأيام لدى الاوساط السياحية في تونس لما يمثله الفرنسيون من ثقل في القطاع..
تعتبر
السياحة من أكثر القطاعات هشاشة تجاه تردي الاوضاع الامنية ، فدون استقرار
أمني لا يمكن لأي بلد في العالم ، مهما كانت خاصياته السياحية ، جلب
السياح. غير ان هذا الشرط أصبح الآن محل أخذ ورد في تونس
، بعد أن حلت عوامل النفور السياحي محل عوامل الجذب السياحي ، خاصة
بالنسبة للسوق الفرنسية والأوروبية بشكل عام ، على خلفية ما يجري في مالي والجزائر .
وتعلق
الحكومة آمالا كبرى على سنة 2013 لتكون سنة صحوة هامة للقطاع السياحي، لكن
بعض المؤشرات أصبحت تقول الآن عكس ذلك، لا سيما بالنسبة للسوق السياحية
الفرنسية والاوروبية بشكل عام، والعوامل عديدة .
تحذير
منذ مطلع الاسبوع الجاري وعوامل «التنفير» السياحي (بالنسبة للسياح الفرنسيين) تتالى في تونس. فيوم الاربعاء، حذرت السفارة الفرنسية بتونس في بيان اصدرته الرعايا الفرنسيين من خطورة الوضع، ودعتهم إلى الحيطة واليقظة، وتجنب زيارة جنوب البلاد المتاخم للصحراء الكبرى حيث ينشط تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الذي تبنى اختطاف الأجانب في الجزائر، آخرها عملية احتجاز رهائن أجانب اول أمس بمؤسسة نفطية كائنة جنوب شرقي الجزائر ، قرب الحدود الصحراوية التونسية الجزائرية.
حراسة أمنية
من جهة أخرى ،خصصت السلطات التونسية منذ يومين حراسة امنية مشددة على المصالح الفرنسية بتونس
(السفارة – المؤسسات التربوية الفرنسية – الشركات الفرنسية الكبرى) في
إطار الحذر من امكانية المساس بها من قبل أنصار المقاتلين الإسلاميين في تونس، انتقاما من القصف الفرنسي للمقاتلين الاسلاميين شمال مالي.
مبعوث خاص
على صعيد آخر ، خصص برنامج «مبعوث خاص» على قناة فرنسا 2 ليلة أول امس حيزا هاما للحديث عن تردي الوضع الأمني في تونس بسبب انتشار التشدد الديني المحسوب على التيار السلفي. ولم ينف مقدم البرنامج امكانية تأثير ما يحصل داخل تونس على القطاع السياحي فيها خاصة بعد أن أجرى تحقيقا ميدانيا في الحمامات (الوجهة السياحية الأولى في تونس) وأبرز بشكل واضح «الحضور الديني المتشدد» هناك.
مثير للمخاوف
هذه العوامل الثلاثة إضافة إلى الوضع السائد في منطقة الصحراء خيمت بظلالها على تونس ، وفق ما ذكره ملاحظون في الشأن السياحي . حيث زادت في مخاوف الفرنسيين المتواجدين في تونس و مخاوف عائلاتهم ومعارفهم وأقاربهم الموجودين بفرنسا والذين قد يكونوا فكروا في زيارة تونس في المستقبل .. فقد أظهرت تونس في صورة البلد المثير للمخاوف لا سيما في نظر الفرنسيين بشكل خاص والاوروبيين بشكل عام ، وهو ما قد يدفع بهم إلى تغيير مواقفهم من تونس
من حيث السياحة والاستثمار. وسيكون لذلك أيما تأثير على القطاع السياحي في
البلاد في الفترة القادمة خاصة ان عديد المؤشرات تقول أن الوضع في مالي
سيتواصل على ما هو عليه على امتداد أسابيع في ظل عزم فرنسا والحكومة المالية على انهاء الحالة السائدة الآن في مالي و تمسك المتمردين الاسلاميين بالسيطرة على شمال البلاد.
لا خوف
من جهة أخرى ، يرى شق آخر من الملاحظين أن الحديث عن تأثر كبير لسياحة الفرنسيين بتونس بسبب هذه العوامل وبسبب الوضع السائد حاليا في مالي والجزائر فيه تهويل .. فهذه ليست المرة الاولى التي تشهد فيها صورة تونس في نظر الفرنسيين تقلبات. فمثلا سبق أن شهدت المصالح الفرنسية في تونس استنفارا أمنيا كبيرا بعد حادثة اقتحام السفارة الأمريكية
احتجاجا على نشر فيلم مسيء للرسول وما عقب ذلك من نشر صور مسيئة للرسول
صلى الله عليه وسلم في مجلة «تشارلي هيبدو» الفرنسية الساخرة ومن تحذيرات
للرعايا الأوروبيين المتواجدين بتونس . ورغم ذلك لم تنقطع زيارة السياح الفرنسيين لتونس بل تواصلت بشكل عادي خاصة خلال الفترة الشتوية نحو مناطق الجنوب وزادت مقارنة ب2011. (مثلا بلغ عدد السياح الذين زاروا تونس في شهر ديسمبر 2012 حوالي (38.408) مقابل (13.470) ألمانيا و(11.481) بريطانيا و(10.465) إيطاليا و(4.868) بلجيكيا..
وأمام هذه الوضعية، لم يبق أمام الحكومة التونسية
سوى العمل على مزيد توفير الامن والاستقرار بالبلاد والقطع مع كل ما من
شأنه ان يؤثر سلبا على القطاع السياحي الذي يعد أحد أهم ركائز الاقتصاد التونسي.
أرقام
يفوق عدد السياح الفرنسيين الذين يختارون تونس كوجهة سياحية أولى سنويا حوالي مليون و400 الف سائح .
تُعد السوق الأوروبية الاولى بالنسبة للسياحة التونسية (55 % مقابل 45 % بالنسبة للبقية )
تمثل سياحة الفرنسيين في تونس أرضية خصبة لنشاط وكالات الاسفار التونسية والاجنبية وللناقلات الجوية والبحرية .
توفر السياحة في تونس
نحو 7 % من الدخل الوطني الإجمالي وهي تشكل دعامة رئيسية للاقتصاد الوطني
وتوفر 400 ألف فرصة عمل مباشرة، وأكثر من مليوني فرصة أخرى غير مباشرة
وتوفر 5% من إجمالي مصادر تونس من العملة الصعبة.
بدأ
القطاع السياحي يتعافى نهاية 2012 من الازمة الخانقة التي عاشها في 2011 ،
حيث ارتفعت عائدات السياحة بعد ارتفاع عدد السياح ، و نمت حركة السياحة
بأكثر من 30 % مقارنة مع 2011 ودخل تونس أكثر من 1.3 مليون سائح إضافي ليبلغ العدد حوالي 6 ملايين سائح بنهاية 2012.
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره
فاضل الطياشي
نشر في الشروق يوم 19 - 01 - 2013
هل تخيم التقلبات التي تعيشها مالي والجزائر بظلالها على السياحة في بلادنا خاصة بالنسبة للسوق الفرنسية ؟ سؤال بات متداولا بشدة هذه الأيام لدى الاوساط السياحية في تونس لما يمثله الفرنسيون من ثقل في القطاع..
تعتبر
السياحة من أكثر القطاعات هشاشة تجاه تردي الاوضاع الامنية ، فدون استقرار
أمني لا يمكن لأي بلد في العالم ، مهما كانت خاصياته السياحية ، جلب
السياح. غير ان هذا الشرط أصبح الآن محل أخذ ورد في تونس
، بعد أن حلت عوامل النفور السياحي محل عوامل الجذب السياحي ، خاصة
بالنسبة للسوق الفرنسية والأوروبية بشكل عام ، على خلفية ما يجري في مالي والجزائر .
وتعلق
الحكومة آمالا كبرى على سنة 2013 لتكون سنة صحوة هامة للقطاع السياحي، لكن
بعض المؤشرات أصبحت تقول الآن عكس ذلك، لا سيما بالنسبة للسوق السياحية
الفرنسية والاوروبية بشكل عام، والعوامل عديدة .
تحذير
منذ مطلع الاسبوع الجاري وعوامل «التنفير» السياحي (بالنسبة للسياح الفرنسيين) تتالى في تونس. فيوم الاربعاء، حذرت السفارة الفرنسية بتونس في بيان اصدرته الرعايا الفرنسيين من خطورة الوضع، ودعتهم إلى الحيطة واليقظة، وتجنب زيارة جنوب البلاد المتاخم للصحراء الكبرى حيث ينشط تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الذي تبنى اختطاف الأجانب في الجزائر، آخرها عملية احتجاز رهائن أجانب اول أمس بمؤسسة نفطية كائنة جنوب شرقي الجزائر ، قرب الحدود الصحراوية التونسية الجزائرية.
حراسة أمنية
من جهة أخرى ،خصصت السلطات التونسية منذ يومين حراسة امنية مشددة على المصالح الفرنسية بتونس
(السفارة – المؤسسات التربوية الفرنسية – الشركات الفرنسية الكبرى) في
إطار الحذر من امكانية المساس بها من قبل أنصار المقاتلين الإسلاميين في تونس، انتقاما من القصف الفرنسي للمقاتلين الاسلاميين شمال مالي.
مبعوث خاص
على صعيد آخر ، خصص برنامج «مبعوث خاص» على قناة فرنسا 2 ليلة أول امس حيزا هاما للحديث عن تردي الوضع الأمني في تونس بسبب انتشار التشدد الديني المحسوب على التيار السلفي. ولم ينف مقدم البرنامج امكانية تأثير ما يحصل داخل تونس على القطاع السياحي فيها خاصة بعد أن أجرى تحقيقا ميدانيا في الحمامات (الوجهة السياحية الأولى في تونس) وأبرز بشكل واضح «الحضور الديني المتشدد» هناك.
مثير للمخاوف
هذه العوامل الثلاثة إضافة إلى الوضع السائد في منطقة الصحراء خيمت بظلالها على تونس ، وفق ما ذكره ملاحظون في الشأن السياحي . حيث زادت في مخاوف الفرنسيين المتواجدين في تونس و مخاوف عائلاتهم ومعارفهم وأقاربهم الموجودين بفرنسا والذين قد يكونوا فكروا في زيارة تونس في المستقبل .. فقد أظهرت تونس في صورة البلد المثير للمخاوف لا سيما في نظر الفرنسيين بشكل خاص والاوروبيين بشكل عام ، وهو ما قد يدفع بهم إلى تغيير مواقفهم من تونس
من حيث السياحة والاستثمار. وسيكون لذلك أيما تأثير على القطاع السياحي في
البلاد في الفترة القادمة خاصة ان عديد المؤشرات تقول أن الوضع في مالي
سيتواصل على ما هو عليه على امتداد أسابيع في ظل عزم فرنسا والحكومة المالية على انهاء الحالة السائدة الآن في مالي و تمسك المتمردين الاسلاميين بالسيطرة على شمال البلاد.
لا خوف
من جهة أخرى ، يرى شق آخر من الملاحظين أن الحديث عن تأثر كبير لسياحة الفرنسيين بتونس بسبب هذه العوامل وبسبب الوضع السائد حاليا في مالي والجزائر فيه تهويل .. فهذه ليست المرة الاولى التي تشهد فيها صورة تونس في نظر الفرنسيين تقلبات. فمثلا سبق أن شهدت المصالح الفرنسية في تونس استنفارا أمنيا كبيرا بعد حادثة اقتحام السفارة الأمريكية
احتجاجا على نشر فيلم مسيء للرسول وما عقب ذلك من نشر صور مسيئة للرسول
صلى الله عليه وسلم في مجلة «تشارلي هيبدو» الفرنسية الساخرة ومن تحذيرات
للرعايا الأوروبيين المتواجدين بتونس . ورغم ذلك لم تنقطع زيارة السياح الفرنسيين لتونس بل تواصلت بشكل عادي خاصة خلال الفترة الشتوية نحو مناطق الجنوب وزادت مقارنة ب2011. (مثلا بلغ عدد السياح الذين زاروا تونس في شهر ديسمبر 2012 حوالي (38.408) مقابل (13.470) ألمانيا و(11.481) بريطانيا و(10.465) إيطاليا و(4.868) بلجيكيا..
وأمام هذه الوضعية، لم يبق أمام الحكومة التونسية
سوى العمل على مزيد توفير الامن والاستقرار بالبلاد والقطع مع كل ما من
شأنه ان يؤثر سلبا على القطاع السياحي الذي يعد أحد أهم ركائز الاقتصاد التونسي.
أرقام
يفوق عدد السياح الفرنسيين الذين يختارون تونس كوجهة سياحية أولى سنويا حوالي مليون و400 الف سائح .
تُعد السوق الأوروبية الاولى بالنسبة للسياحة التونسية (55 % مقابل 45 % بالنسبة للبقية )
تمثل سياحة الفرنسيين في تونس أرضية خصبة لنشاط وكالات الاسفار التونسية والاجنبية وللناقلات الجوية والبحرية .
توفر السياحة في تونس
نحو 7 % من الدخل الوطني الإجمالي وهي تشكل دعامة رئيسية للاقتصاد الوطني
وتوفر 400 ألف فرصة عمل مباشرة، وأكثر من مليوني فرصة أخرى غير مباشرة
وتوفر 5% من إجمالي مصادر تونس من العملة الصعبة.
بدأ
القطاع السياحي يتعافى نهاية 2012 من الازمة الخانقة التي عاشها في 2011 ،
حيث ارتفعت عائدات السياحة بعد ارتفاع عدد السياح ، و نمت حركة السياحة
بأكثر من 30 % مقارنة مع 2011 ودخل تونس أكثر من 1.3 مليون سائح إضافي ليبلغ العدد حوالي 6 ملايين سائح بنهاية 2012.
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره