مقتطف من حوار مع السيد علي الحيلي العميد الشرفي لكلية العلوم بتونس (جريدة الصباح)
بدأت الاغراءات منذ نهاية السبعينات من قبل أمراء سعوديين للسماح لهم بصيد الحبارى والغزلان في الصحراء التونسية قد تسلل هؤلاء من الصحراء الليبية نحو تونس في نهاية السبعينات، فهرولت نحو حسان بلخوجة وزير الفلاحة آنذاك (رحمه الله)، وأعلمته بالموضوع، فرفع سماعة الهاتف واتصل بوالي مدنين الذي أجابه «بأن الأمر يتعلق بأمير كبير من العائلة المالكة السعودية»، فرد حسان بلخوجة بغضب شديد «أمير في بلادهم، توه تطرّد (...) أمّو..» وقد استعمل بلخوجة في شأنه كلمات بذيئة!
بداية الثمانينات أبحر الآغاخان على متن يخته الخاص من جزيرة سردينيا بإيطاليا نحو تونس، ولما دخل المياه الاقليمية التونسية مر بالقرب من جزيرة زمبرة فأعجبته كثيرا، وبما أن علاقة صداقة كانت تربطه بالحبيب بورقيبة الابن، فقد اتصل بهذا الأخير وعبر له عن رغبته في شراء الجزيرة وبأي ثمن، فجاءه الجواب سريعا وواضحا: تونس ليست للبيع.
وحرص الحكومة التونسية في عهد بورقيبة على حماية الثروة الحيوانية لا لبس فيه. ففي 1979 قامت الرابطة العالمية لحقوق الحيوان بوضع تونس في قائمتها «الشرفية» (son palmarès) ومنحتها ميدالية تم تسليمها الى سفيرنا بباريس من قبل الأستاذ ألفريد كاستلر، الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء.
اثر وصول بن علي للحكم، نجح الأمراء في «اشتراء» رئيس الجمهورية نفسه بأن دفعوا له «صكا» استعمله في فتح أول حساب بنكي له في الخارج، وذلك بعد أقل من 3 أشهر من وصوله للحكم (جانفي 1988)
ولما بدأت رحلات أمراء الخليج الشتوية الى الجنوب التونسي لصيد الغزال والحبارى، مع ما يجلبونه معهم من عدة وعتاد، كاتبت بن علي بلا كلل ولا ملل، وخلال اجتماع لمجلس الوزراء، جذب من جيبه احدى رسائلي وقرأها على وزرائه، ثم التفت نحو وزيري الفلاحة والبيئة ولامهما على ما يحدث!! فلم يجد أي منهما جوابا!! رغم أنه هو الذي يصدر حصريا الأوامر في هذا الموضوع!! وبعد أن تأكدت بصفة قاطعة من تبني بن علي لخطاب مزدوج حول الموضوع، ومن تعمده الكذب المفضوح وسياسة الاستبلاه، فقد أطلقت منذ بداية التسعينات حملة تشهير وتنديد بما يحدث في تونس.
إصرار الأمراء السعوديين والخليجيين للصيد في تونس سببه أنّهم بدأوا بالقضاء نهائيا على طائر الحبارى والغزال، بل على كل الثروة الحيوانية الفطرية في بلدانهم أي في السعودية وفي كل بلدان الخليج، ثم تحولوا الى المغرب والجزائر حيث قضوا أيضا القضاء المبرم على هذا الطائر ولم يتركوا له أي أثر، ولم يبق أمامهم ما يصطادونه، ولذلك اتجهت أنظارهم نحو تونس.
بعد الثورة تواصل صيد طائر الحبارى والغزلان بأكثر عنف وكثافة، فقد زارنا هذه السنة أمراء من مختلف الجنسيات العربية، ومن بينهم قطريون، كما شجع صمت السلط وتسامحها التونسيين أنفسهم على الصيد في الصحراء، وما يجري حاليا هو جريمة ومجزرة حقيقية لهذا الطائر وللغزلان يجب أن يوضع حد لها في أقرب وقت.
بل الغريب أن هناك وكالات أسفار وضعت على الأنترنات مؤخرا اعلانات لتنظيم رحلات لصيد الغزال والحبارى.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]