نشر في أفريكان ماناجر يوم 08 - 07 - 2013

تونس- أفريكان مانجرلاحظ تقرير إخباري أوردته اليوم الاثنين 8 جويلية 2013 وكالة الأنباء العالمية "رويترز" أن تونس هي الدولة العربية الوحيدة التي نددت بعزل الرئيس المصري محمد مرسي.
وجاء في التقرير أن "تونس مهد انتفاضات الربيع العربي الدولة العربية الوحيدة التي تندد بعزل الرئيس الاسلامي المنتخب محمد مرسي ووصفته بأنه "انقلاب" على "الشرعية" وحثت مصر على ضمان سلامته".
وفي سابقة دبلوماسية، أصدرت تونس أكثر من بيان رسمي لإدانة عزل الرئيس المصري محمد مرسي من طرف المؤسسة العسكرية المصرية وقد صدر أبرزها من طرف رئيس الجمهورية وأيضا من رئاسة الحكومة بالإضافة إلى إدانة "مخففة" من طرف رئيس المجلس الوطني التأسيسي، فيما أصدر راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الاسلامية أكثر من بيان إدانة وتنديد واستهجان بالإضافة إلى توجيهه رسالة لمؤيدي مرسي للبقاء في الشارع إلى حين ارجاعه للحكم واصداره بيان آخر يدعو فيه أنصار النهضة في تونس للخروج يوم أمس للتنديد بعزل مرسي قبل أن يتم التراجع عن الأمر.
غياب للخارجية
ويرى مراقبون للشأن السياسي في تونس أنه كان من الأجدى اصدار بيان رسمي واحد من طرف الخارجية التونسية يمثل موقف الدولة التونسية من التطورات السياسية في مصر من دون التدخل في الشأن الداخلي المصري أو تعبئة الشارع التونسي ضد ما يحدث في مصر حفاظا على علاقات تونس الدبلوماسية وتفاديا لتأجيج أي فتنة في الشارع المصري المهدد بالانزلاق إلى منعرجات خطيرة.
في هذه الأثناء، لم يصدر عن وزارة الخارجية التونسية أي بيان رسمي مثلما تقره الأعراف الدبلوماسية في مثل هذه الحالات للتعبير عن موقف رسمي لدولة ما تجاه حدث خارجي.
وكان رئيس الدولة منصف المرزوقي المحسوب على التيار العلماني انتقد بشدة عزل الرئيس المصري واعتبره انقلابا، على هامش كلمة مشتركة مع نظيره الفرنسي فرانسوا أولاند لدى زيارته مؤخرا لتونس والذي توخى في المقابل خطابا دبلوماسيا حذرا تجاه هذا الحدث على غرار التحفظ والحذر شديدين الذي أبدتهما الدول الداعمة للثورات العربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية.
بدوره اصدر علي العريض رئيس الحكومة من حركة النهضة الاسلامية بيانا شديد اللهجة انتقد فيه وبطريقة مباشرة القوات المسلحة المصرية لعزلها الرئيس مرسي.
انتقادات
وكان بيان النهضة، الحزب الحاكم في تونس، والداعي إلى مساندة محمد مرسي والمنتقد للجيش المصري، أثار انتقادات مراقبين في تونس الذين اعتبروا أن هذا الحزب طغى عليه انتماءه الاقليمي لجماعة الاخوان أكثر منه انتماءه إلى تونس التي تعاني حاليا أزمة اقتصادية خانقة ترجمها ارتفاع التضخم إلى مستويات قياسية لينزلق إلى مؤشرات اجتماعية خطيرة تمثلت في ارتفاع معدل الجريمة بنحو 40 % حاليا في تونس وفق دراسة حديثة متخصصة.
كما استغرب هؤلاء دعوة النهضة أنصارها للخروج والاحتجاج في الشوارع التونسية في وقت تجد فيه مؤسسة الداخلية التونسية صعوبات لإرجاع الأمن إلى الشوارع التونسية بالإضافة إلى محاولات المؤسسات التونسية انجاح الموسم السياحي هذا العام للتخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية.
خطأ دبلوماسي
ويخشى مراقبون أن تعيد الحكومة التونسية الحالية ورئاسة الجمهورية الخطأ الدبلوماسي الذي ارتكبته بشأن الملف السوري حيث كانت تونس أول دول العالم التي تسارع بقطع علاقتها الدبلوماسية مع السلطات السورية كما كانت تونس ثاني دولة بعد تركيا احتضنت مؤتمر أصدقاء سوريا الذي تموله قطر بإشراف أميركي وفرنسي وما كان له تداعيات وخيمة على الأمن الداخلي التونسي بالإضافة إلى تعقد الملف السوري وتردد الدول حاليا بعد مساندتها في البداية المعارضة السورية قبل انقسامها.
قمة افريقية
وعلى غرار الاستباق في المواقف بشأن سوريا، سارع اليوم الرئيس التونسي منصف المرزوقي بالدعوة إلى عقد قمة إفريقية طارئة لبحث الوضع في مصر بعد انتقاده اللاذع للمؤسسة العسكرية المصرية التي تقول في المقابل إنها تحركت بطلب من أكثر من 30 مليون مصري متمرد وللحفاظ على الأمن القومي المصري الذي أصبح تحت تهديد جماعة الإخوان.
وهي دعوة علق عليها مراقبون بالقول: "من مؤتمر اصدقاء سوريا الى عقد قمّة طارئة للاتحاد الافريقي"، في إشارة إلى تسرّع المرزوقي في ابداء المواقف الدبلوماسية الخارجية وانتهازه كل فرصة سانحة تسمح له بالحصول على رضى عرّابي الثورات العربية .
وفي سياق متصل، سارعت الرئاسة التونسية اليوم بانتقاد تصريحات الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، الذي اعتبر أن ما حصل في مصر يوم 30 جوان 2013 هو ثورة شعبية وليس انقلابا عسكريا ، واعتبرت الرئاسة التونسية اليوم وعلى لسان ناطقها الرسمي عدنان منصر أن الجامعة العربية فقدت دورها، لتدعو في المقابل الاتحاد الإفريقي لعقد قمة إفريقية طارئة لإيجاد مخرج سلمي للأزمة المصرية.
في هذه الأثناء تستمر حركة النهضة في تعبئة الشارع الاسلامي وحشده عبر بياناتها المتتالية وآخرها بمناسبة ماحدث اليوم في مصر بسقوط عشرات القتلى من مؤيدي مرسي من الاخوان بعد اطلاق النار عليهم من طرف الجيش المصري.
ودعت حركة النهضة إلى التضامن مع الشعب المصري في دفاعه عن الشرعية والديمقراطية، وفق تعبيرها في بيانها في وقت يرى فيها مراقبون أن النهضة بمثل هذه الخطابات التحريضية بصدد إشعال نار الفتنة في مصر التي استفاق مواطنوها هذا الصباح على صور جثث لمصريين قتلوا دفاعا عن رئيسهم المعزول.
وكان التلفزيون المصري أعلن أن 42 شخصا على الاقل قتلوا صباح اليوم في القاهرة وقال الاخوان المسلمون إن النار أطلقت على أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي المعتصمين قرب دار الحرس الجمهوري بالقاهرة في وقت قالت فيه القوات المسلحة إن جماعة ارهابية مسلحة حاولت اقتحام دار الحرس الجمهوري أين يوجد مرسي كما قاموا بخطف عسكريين.
وبالتوازي مع هذه الأحداث، وفي ظل تحركات أخيرة لسياسيين في تونس يطالبون فيها بإسقاط المجلس الوطني التأسيسي وتشكيل حكومة انقاذ مع مساندتهم لحركة تمرد تونسية تلهث وراء جمع توقيعات لإسقاط حكم النهضة، لا يستبعد مراقبون حدوث تطورات سياسية تصحّح الأوضاع في تونس وتضع حركة النهضة عند حجمها الحقيقي.