أطلقت النقابة العامة للتعليم الثانوي صرخة فزع مما يحدث في حرم المؤسسة التربوية وفي محيطها من أحداث عنف متواصلة ومتنوعة في الاشكال والغايات التي قد تبدو الى حد ما غامضة، وتبدو الارقام مفزعة قد تدخل الرعب في قلوب الاولياء خاصة ما يحدث اليوم داخل المؤسسة التربوية، هذه الارقام هي ما تم الإعلان عنها أمس خلال الندوة الصحفية التي عقدتها النقابة العامة للتعليم الثانوي بمقر الاتحاد.
لقد تم تسجيل ما يتجاوز سبعين حالة عنف خلال المدة الاخيرة في مؤسسات تربوية من مختلف مناطق الجمهورية، حالات وكما قدمها السيد الاسعد العبيدي كاتب عام نقابة التعليم الثانوي تنذر بخطر كبير يداهم بنية المجتمع التونسي ويهدد مستقبل شبابه ان لم يقع التصدي له في الوقت المناسب.
ظاهرة المخدرات
اكثر حالات العنف خطورة هي انتشار ظاهرة المخدرات وتحديدا الزطلة بين صفوف تلاميذ الثانوي بما في ذلك الفتيات.
ومن حالات العنف هذه بأحد معاهد ولاية منوبة بالعاصمة تناول احد التلاميذ للمخدرات وتهديده بقتل الاساتذة وحرق المعهد وهي ليست بالحالة الوحيدة كما اكد السيد العبيدي بل تعددت مثل هذه الحالات بشكل يطرح اكثر من تساؤل حول من يقف وراء هذه الاشكال من العنف التي تهدد المؤسسة التربوية؟!
ومن حالات العنف ايضا استعمال أسلحة بيضاء وزجاجات حارقة داخل الحرم المدرسي الذي اقتحم في عديد المناطق من قبل غرباء عن المؤسسة التربوية.
هذه المؤسسة التي صارت وكما اشار كاتب عام النقابة «مرتعا» للعديد حتى من قبل الاولياء انفسهم الذين أقدموا في عديد الحالات على الاعتداء على الاساتذة داخل الاقسام.
عنف
هؤلاء الأساتذة مربّون وعوض أن يقف لهم التلميذ احتراما وتبجيلا صاروا عرضة من قبله للتعنيف، فيوم أمس وأثناء انعقاد الندوة نفسها كان أحد الأساتذة في اتجاه أحد المستشفيات بعد أن تم الاعتداء عليه من قبل 3 تلاميذ وقد وصفت حالته بالحرجة كما أكد كاتب عام النقابة.
وكإحصائية لحالات الطرد الناتجة عن ممارسات العنف بأشكاله المتعددة، فقد بلغت 33 حالة طرد في صفاقس خلال الثلاثية الأولى للسنة الحالية بينما لم تتجاوز حالات الطرد خلال نفس الفترة من السنة الفارطة 11 حالة.
وتعود أسباب حالات الطرد خاصة إلى الاقتحام للمؤسسات التربوية ومحاولة الاعتداء على المربين والدخول إلى المدرسة في حالة سكر أو تحت تأثير المخدرات.
أما بولاية القيروان مثلا فتصل حالات الاحالة على مجالس التأديب إلى 33 إحالة منها 7 إحالات بسبب السكر الواضح جراء تناول الخمر أو المخدّرات.
ويعتبر كاتب عام نقابة التعليم الثانوي، أمام هذه الأرقام المفزعة، أنّ الإحالة على مجالس التأديب وحدها لن تكون الحل.
غرباء في المعاهد
كما تحدّث أيضا عن أطراف غريبة وخاصة في العاصمة تسعى إلى الترويج لأفكار سياسية معيّنة مشيرا إلى أن هذه عملية للتوظيف السياسي والايديولوجي للمؤسسة التربوية.
ومع كلّ هذه الأرقام والمؤشرات وغيرها مما يقع تسجيله يوميا فإن النقابة تؤكد على المخاطر المتناهية لهذه الظاهرة التي تسير نحو مزيد التفاقم لذلك فإنّها دعت كافة أطراف المجتمع المدني والإعلاميين وكل الفاعلين في المنظومة التربوية من قريب أو بعيد إلى أن يشاركوا في التصدي لهذا الخطر وقد أشار السيد الأسعد اليعقوبي إلى أنّه سيتم تنظيم يوم تحسيسي حول الظاهرة وذلك يوم 15 فيفري اضافة إلى ايقاف رمزي للدروس لمدة 20 دقيقة سيتم خلالها فتح الحوار حول الموضوع.
المفاوضات
وفي موضوع آخر خلال الندوة تناول كاتب عام النقابة الحديث عن المفاوضات المتواصلة وهي تصب في نفس المطالب المقدمة قبل 14 جانفي والتي تتعلق بالترقيات المهنية وبمحاربة الفساد في عديد الملفات التابعة للقطاع كملف الانتدابات خاصة ومن المطالب تركيز مجالس المؤسسة وتحسين ظروف عمل المدرسين واقرار سن 55 سنة كسن للتقاعد الاختياري وهذه المطالب كما أكّد هي نفس المطالب العالقة منذ سنوات ومنها أيضا ملف نقل الاساتذة . وقال أيضا أنه لا يمكن اصلاح المنظومة التربوية مادامت ملفات الفساد لم تفتح بعد مشيرا الى ملف التجهيز وملف السكن التابع لديوان السكن بوزارة التربية.
وبخصوص ملف الانتدابات فقد أكد انّ النقابة متمسكة بمقياسي سن الترشّح وأقدمية التخرج ورفضها للاختبارين الكتابي والشفاهي اللذين اقترحتهما وزارة التربية مشيرا الى أنّ هذه الاختبارات تفتح الباب للولاءات. وقال أن النقابة ترفض أيضا أن تخضع الانتدابات للملفات الاجتماعية وتبريرهم ذلك بحصول تجاوزات في هذا الباب حتى بعد 14 جانفي، مؤكدا أنّ كل حالات البطالة الموجودة هي حالات اجتماعية.
ملف الاصلاح التربوي
كما تحدّث كاتب عام النقابة عن ملف الاصلاح التربوي الذي يرى فيه اختلافا في وجهات النظر بين النقابة والوزارة تعكسها نية هذه الأخيرة في تنظيم مؤتمر دولي حول الاصلاح التربوي والذي يجعل من النقابة تؤكد على أولوية طرح الموضوع على مستوى وطني قبل معالجته دوليا وضرورة صيانة حدّ أدنى من الاتفاق أولا قبل بلوغ المستوى الدولي في الطرح.
وأكد على أن يكون التعليم في تونس تعليما عموميا مجانيا يحتوي مضامين ديمقراطية تحافظ على جذور التلميذ العربية الاسلامية وتنمي قدرته على الابداع، كما تساءل في هذا الاطار عما قد تعكسه تعهدات البنك الدولي بمساعدة الحكومة والوزارة في الاصلاح التربوي على التعليم العمومي وأعلن رفضه أي توجه نحو الاصلاح يعطي أولوية للاستثمار الخاص فيما يخصّ قطاع التربية.
النقاب
في جانب آخر من الندوة تحدث اليعقوبي عن مسألة النقاب التي حسمها برفضه لدواع أمنية وبيداغوجية خاصة، مشيرا الى أنّ النقابة كانت أكثر من دافعت عن مبدإ الحريات الفردية ومنها ارتداء الحجاب بالنسبة الى المحجبات وقال إنّ النقابة قد دعت الى اصدار منشور في الغرض .