بعد أن هدّدت مكاسب الثورة، العروشية تحدّد نتيجة الانتخابات في قفصة
في الأحد, 13 نوفمبر 2011 ≈ 10:35:00
تتميّز ولاية قفصة بتنوّع أصول سكّانها الذين ينقسمون إلى فروع عديدة وهو ما يعرف لدى الموّاطن التونسي "بالعروش"الذين يعودوا تقريبا إلى جد واحد هو "همّام" الذي تنسب له قبيلة الهمامة وتتفق كل الروايات أنه الجد الأول لهذه القبيلة ويبقى الاختلاف فقط حول الوجهة التي قدم منها أهي الحجاز أم الشّام ،وتحوّلت القبيلة إلى تجمّعات سكنية الرّابط بينها علاقة القرابة والنّسب لنجد اليوم "أولاد اتليجان" و أولاد اسلامة واولاد يحي وأولاد إمعمّر وأولاد بويحي والعكارمة والجريدية والقفاصة ...
وتبقى المصالح الذّاتية هي المحرّك الأساسي للعلاقة بين العروش التي عمد نظام بورقيبة إلى تجذيرها ومن بعده بنعلي وإن كان في الظاهر كلاهما يعمل على القطع مع العروشية لأكن وبالاعتماد على الشعب الترابية وهي خلايا الحزب الحاكم طبقا لشعبة لكل عرش ولكل شعبة أفضلية على الأخرى حسب ما تقدّمه من فروض الطاعة ،هذه العلاقة الافقية مع الحاكم لم تتأثر بعد الثورة وحدّدت وجهة الانتخابات في قفصة سوى سلبا أو إيجابا.
أغلب القائمات سواء منها الحزبية أو المستقلّة اعتمدت العامل كمعيار أساسي لنجاحها في انتخابات المجلس التأسيسي وكانت النتيجة الحاصلة تؤكد هذه القراءة وخاصة في الحوض المنجمي بصعود القائمة المستقلّة التي يرأسها الأستاذ فيصل جدلاوي الذي لم يعرف عنه سابقا أي نشاط لافت للانتباه وكانت مدينة المتلوي حاسمة في تحديد هذه النتيجة بحصول القائمة على نسبة من الأصوات تقدر ب19في المائة بعد النهضة الحائزة على 30في المائة لتكون المراتب الأخرى للقائمات المستقلة حسب أهمية كل عرش ورئيس القائمة في حين عرفت الأحزاب السياسية انتكاسة كبرى في المتلوي باستثناء النهضة وان رأى بعض المراقبين أن وقوف الناشط عدنان الحاجي وبعض قيادات الحوض المنجمي ومساندتها لهذه القائمة فإن المتابع عن كثب يجزم أن هذه العامل على أهميته لم يكن حاسما بقدر ما كانت الأصول الجريدية لعدنان الحاجي حاسمة مع عرش الجريدية في مدينة المتلوي خاصة ،القائمة المستقلّة التي ترأسها القيادي في أحداث الحوض المنجمي البشير العبيدي كان تحرّكها الأساسي مرتكزا على مبدأ العروشية وخاصة أولاد اعبيد إلا أن غياب الامتداد في سائر أنحاء الولاية حال دون الحصول على نتائج باهرة (بالرغم من انها كانت الأولى بعد النهضة في ترتيب الأصوات بالرديف).
على عكس القائمة الفائزة المسنودة من الجريدية وأولاد اسلامة ،كما أجمع العديد من المراقبين أنه لو كان الطيب بن عثمان سجين الحركة الاحتجاجية على رأس قائمة النّهج الثورة وليس عضوا فقط لكانت نتيجة التصويت مخالفة لما أفرزه الصندوق على الأقل في مدينة الرديف .
وما أفرزته نتيجة 23أكتوبر على مستوى المعتمديات يؤكّد أن النّاخب كان تحكمه الميولات القبلية ولكن كثرة المترشحين شتّت الأصوات واستفادت منها حركة النّهضة تحت تأثير العامل الدّيني والعروشي كما كان لوجود عضو من ام العرائس في قائمة المؤتمر من اجل الجمهورية حاسما إن لم يكن على مستوى النتيجة (فوز المؤتمر بمقعد وحيد)فانه كان حاسما في تشتيت الأصوات بين العرش الواحد وكان اختيار النهضة لرئيس قائمة لم يعرف عنه أي نشاط في العشرية الأخيرة بالرغم من وجود عديد القيادات الجهوية التي عرفت بنضالاتها يؤكد هذا التمشي بالرغم من ان التصريحات تؤكد أن الاختيار كان سياسي ولا علاقة له العروشية فإن العامل العروشي حاضرا وبارزا للعيّان وإن لم يكن مساهما بدرجة كبيرة في فوز قائمة النّهضة على عكس بقيّة القوائم الفائزة.
الحزب الديمقراطي التقدمي الحائز على المقعد الأخير بدائرة قفصة رأى المتابعين أن وجود شخصية على راس القائمة من قفصة المدينة ساهم في حصول الحزب على مجموع أصوات من مدينة قفصة قارب الألف وهي اعلي نسبة على مستوى المعتمديات للحزب بالرغم من أن رئيس قائمة الحزب الديمقراطي لم يعرف عنه نشاط يذكر قبل 14جانفي كما أن تصويت المواطن في قفصة كان في الغالب من منطلق انتقامي خاصة وان المعارك التي شهدتها ولاية قفصة بين العروش بعد 14جانفي وبغض الطرف عن خلفيتها فهي كانت وراء حصول هذه النتيجة،وفي تصريح لكلمة أفاد السيد الحسين مبروكي "نقابي وناشط سياسي"ذكر أن "عدم جاهزية الفئات الشعبية ومحاولات الالتفاف على المسار الثوري التي سبقت الانتخابات وتفشي ظاهرة المال السياسي واستثمار الدين كلها عوامل كان لها تأثير كبير على الحملة الانتخابية ونتائج الانتخابات وذلك بإعادة ظاهرة العروشية في استقطاب الدعم الشعبي لبعض المترشحين الغالبية منهم لا علاقة له بانتفاضة شعبنا كما كان اقصاء المناضلين يتم في الغالب على الحسوبين على الاقليات العروشية واوكد ان هذا البعد العروشي كان مهما في تحديد نتيجة الانتخابات لكنه ليس رئيسيا وهو ما جعل الانتخابات في ظاهرها ديمقراطية وفي باطنها كانت واقعا تشوبه عديد التجاوزات".
السيد محسن عبدالله استاذ تعليم ثانوي قدم نفسه على أساس كونه مستقل وهو رئيس مكتب بدائرة قفصة في الانتخابات الأخيرة يقول "إن مساهمة العروشية في تحديد النتيجة لم يكن حاسما بصفة مباشرة في تحديد النتيجة ولكنه كان عاملا مشتتا للأصوات باعتبار أن القائمات المختلفة تواجد بها في الآن نفسه أشخاص من عروش عدّة وكانت انتخابات 23اكتوبر فسيفساء من أصوات متناثرة لعب فيها الوازع الديني دورا محوريا في النتائج التي كانت في اتجاه واحد".
تتباين الآراء لكن تجمع في اغلبها أن العروشية عاملا لا يزال مسيطرا في تحديد كل الاختيارات الجوهرية في ولاية قفصة خاصة وكان المقال مبنيا أساسا على أهمية الدور العروشي في الحوض المنجمي الذي عرف بحراكه السياسي والنقابي المناهض للسياسة المركزية على مدار الخمسين سنة وان كان هذا حال الحوض المنجمي فما حال المناطق الداخلية ،وأغلب القائمات الفائزة أعدّت الذبائح قبل الانتخابات للعروش المساندة فكان الفوز على حسب العطاء.
بقلم الهادي الرداوي
في الأحد, 13 نوفمبر 2011 ≈ 10:35:00
تتميّز ولاية قفصة بتنوّع أصول سكّانها الذين ينقسمون إلى فروع عديدة وهو ما يعرف لدى الموّاطن التونسي "بالعروش"الذين يعودوا تقريبا إلى جد واحد هو "همّام" الذي تنسب له قبيلة الهمامة وتتفق كل الروايات أنه الجد الأول لهذه القبيلة ويبقى الاختلاف فقط حول الوجهة التي قدم منها أهي الحجاز أم الشّام ،وتحوّلت القبيلة إلى تجمّعات سكنية الرّابط بينها علاقة القرابة والنّسب لنجد اليوم "أولاد اتليجان" و أولاد اسلامة واولاد يحي وأولاد إمعمّر وأولاد بويحي والعكارمة والجريدية والقفاصة ...
وتبقى المصالح الذّاتية هي المحرّك الأساسي للعلاقة بين العروش التي عمد نظام بورقيبة إلى تجذيرها ومن بعده بنعلي وإن كان في الظاهر كلاهما يعمل على القطع مع العروشية لأكن وبالاعتماد على الشعب الترابية وهي خلايا الحزب الحاكم طبقا لشعبة لكل عرش ولكل شعبة أفضلية على الأخرى حسب ما تقدّمه من فروض الطاعة ،هذه العلاقة الافقية مع الحاكم لم تتأثر بعد الثورة وحدّدت وجهة الانتخابات في قفصة سوى سلبا أو إيجابا.
أغلب القائمات سواء منها الحزبية أو المستقلّة اعتمدت العامل كمعيار أساسي لنجاحها في انتخابات المجلس التأسيسي وكانت النتيجة الحاصلة تؤكد هذه القراءة وخاصة في الحوض المنجمي بصعود القائمة المستقلّة التي يرأسها الأستاذ فيصل جدلاوي الذي لم يعرف عنه سابقا أي نشاط لافت للانتباه وكانت مدينة المتلوي حاسمة في تحديد هذه النتيجة بحصول القائمة على نسبة من الأصوات تقدر ب19في المائة بعد النهضة الحائزة على 30في المائة لتكون المراتب الأخرى للقائمات المستقلة حسب أهمية كل عرش ورئيس القائمة في حين عرفت الأحزاب السياسية انتكاسة كبرى في المتلوي باستثناء النهضة وان رأى بعض المراقبين أن وقوف الناشط عدنان الحاجي وبعض قيادات الحوض المنجمي ومساندتها لهذه القائمة فإن المتابع عن كثب يجزم أن هذه العامل على أهميته لم يكن حاسما بقدر ما كانت الأصول الجريدية لعدنان الحاجي حاسمة مع عرش الجريدية في مدينة المتلوي خاصة ،القائمة المستقلّة التي ترأسها القيادي في أحداث الحوض المنجمي البشير العبيدي كان تحرّكها الأساسي مرتكزا على مبدأ العروشية وخاصة أولاد اعبيد إلا أن غياب الامتداد في سائر أنحاء الولاية حال دون الحصول على نتائج باهرة (بالرغم من انها كانت الأولى بعد النهضة في ترتيب الأصوات بالرديف).
على عكس القائمة الفائزة المسنودة من الجريدية وأولاد اسلامة ،كما أجمع العديد من المراقبين أنه لو كان الطيب بن عثمان سجين الحركة الاحتجاجية على رأس قائمة النّهج الثورة وليس عضوا فقط لكانت نتيجة التصويت مخالفة لما أفرزه الصندوق على الأقل في مدينة الرديف .
وما أفرزته نتيجة 23أكتوبر على مستوى المعتمديات يؤكّد أن النّاخب كان تحكمه الميولات القبلية ولكن كثرة المترشحين شتّت الأصوات واستفادت منها حركة النّهضة تحت تأثير العامل الدّيني والعروشي كما كان لوجود عضو من ام العرائس في قائمة المؤتمر من اجل الجمهورية حاسما إن لم يكن على مستوى النتيجة (فوز المؤتمر بمقعد وحيد)فانه كان حاسما في تشتيت الأصوات بين العرش الواحد وكان اختيار النهضة لرئيس قائمة لم يعرف عنه أي نشاط في العشرية الأخيرة بالرغم من وجود عديد القيادات الجهوية التي عرفت بنضالاتها يؤكد هذا التمشي بالرغم من ان التصريحات تؤكد أن الاختيار كان سياسي ولا علاقة له العروشية فإن العامل العروشي حاضرا وبارزا للعيّان وإن لم يكن مساهما بدرجة كبيرة في فوز قائمة النّهضة على عكس بقيّة القوائم الفائزة.
الحزب الديمقراطي التقدمي الحائز على المقعد الأخير بدائرة قفصة رأى المتابعين أن وجود شخصية على راس القائمة من قفصة المدينة ساهم في حصول الحزب على مجموع أصوات من مدينة قفصة قارب الألف وهي اعلي نسبة على مستوى المعتمديات للحزب بالرغم من أن رئيس قائمة الحزب الديمقراطي لم يعرف عنه نشاط يذكر قبل 14جانفي كما أن تصويت المواطن في قفصة كان في الغالب من منطلق انتقامي خاصة وان المعارك التي شهدتها ولاية قفصة بين العروش بعد 14جانفي وبغض الطرف عن خلفيتها فهي كانت وراء حصول هذه النتيجة،وفي تصريح لكلمة أفاد السيد الحسين مبروكي "نقابي وناشط سياسي"ذكر أن "عدم جاهزية الفئات الشعبية ومحاولات الالتفاف على المسار الثوري التي سبقت الانتخابات وتفشي ظاهرة المال السياسي واستثمار الدين كلها عوامل كان لها تأثير كبير على الحملة الانتخابية ونتائج الانتخابات وذلك بإعادة ظاهرة العروشية في استقطاب الدعم الشعبي لبعض المترشحين الغالبية منهم لا علاقة له بانتفاضة شعبنا كما كان اقصاء المناضلين يتم في الغالب على الحسوبين على الاقليات العروشية واوكد ان هذا البعد العروشي كان مهما في تحديد نتيجة الانتخابات لكنه ليس رئيسيا وهو ما جعل الانتخابات في ظاهرها ديمقراطية وفي باطنها كانت واقعا تشوبه عديد التجاوزات".
السيد محسن عبدالله استاذ تعليم ثانوي قدم نفسه على أساس كونه مستقل وهو رئيس مكتب بدائرة قفصة في الانتخابات الأخيرة يقول "إن مساهمة العروشية في تحديد النتيجة لم يكن حاسما بصفة مباشرة في تحديد النتيجة ولكنه كان عاملا مشتتا للأصوات باعتبار أن القائمات المختلفة تواجد بها في الآن نفسه أشخاص من عروش عدّة وكانت انتخابات 23اكتوبر فسيفساء من أصوات متناثرة لعب فيها الوازع الديني دورا محوريا في النتائج التي كانت في اتجاه واحد".
تتباين الآراء لكن تجمع في اغلبها أن العروشية عاملا لا يزال مسيطرا في تحديد كل الاختيارات الجوهرية في ولاية قفصة خاصة وكان المقال مبنيا أساسا على أهمية الدور العروشي في الحوض المنجمي الذي عرف بحراكه السياسي والنقابي المناهض للسياسة المركزية على مدار الخمسين سنة وان كان هذا حال الحوض المنجمي فما حال المناطق الداخلية ،وأغلب القائمات الفائزة أعدّت الذبائح قبل الانتخابات للعروش المساندة فكان الفوز على حسب العطاء.
بقلم الهادي الرداوي