Najm Braiek رسالة من رجل امن :
-------------------
إلى كل مواطن تونسي أوجه هاته الرسالة .. إلى كل شخص .. مثقف .. عامل .. فلاح .. رجل اقتصاد .. رجل علم .. أستاذ .. معلم .. متقاعد ... إلى ذات كل شخص في هذا البلد الحبيب أوجه حيرتي ...
أنا إطار أمني عملياتي" ميداني"
مباشر لمهمة أمنية وقائية زجرية عهد لها السعي للبحث عن توازن يجب أن يكون قائما بين تنفيذ متطلبات النظام العام واحترام الحريات الفردية والجماعية .. ضمن قوة مدنية مسلحة في نطاق ترابي محدد إداريا، مطلقا حسب الانتماء إلى الإدارة .. إلى كل غيور على مصلحة الوطن أوجّه رسالتي ... هاته الحيرة التي ألمسها في عيون أعواني كلما دخلت مكتبي .. نحن لا ننتمي لجهاز قمع .. ولسنا مسيسين .. لا نعتمد التعليمات الإدارية في مهامنا سوى الخطوط العريضة منها وهي خطوط يعلمها القاصي والداني .. نطالب من حيث أدبيات المهنة بالحفاظ على أملاك الناس، على أرواحهم، على أعراضهم ... بتعداد ضئيل بائس .. نجابه مصائب الطريق وخطر الانتقام من العصابات الإجرامية التي تمتلك عتادا يتجاوز عتادنا .. ولكن بقلوب مفعمة بحب الوطن ...
أين نحن سائرون ؟؟؟؟
نحن نعلم أن الحرية التي اكتسبها شعبنا شيء عظيم .. ونعلم غيرنا أننا أيضا تهمنا هاته الحرية .. لكن ليس الإشكال في الحرية، إنما الإشكال في القدرة على فهمها.. للأسف يراها بعض الناس تسيبا وفوضى وليس كل الناس مثقفون وواعون .. يوجد في المجتمع أناس يعانون أمراضا نفسية وعصبية أو أمراض اجتماعية واقتصادية أو أمراض سياسية أو عقائدية أو غيرها .. ولكل امرئ منا مفهومه للحرية ويطبقها كل حسب فهمه .. والمجرمون الذين هم أسس اهتمامنا يفهمون الحرية على أنها تعدّ على الغير، على أنها فرار من الحساب، على أنها غياب عصا الزجر، على أنها الفوضى الملأى بالغنائم .. رجل الأمن مطالب بتنفيذ القانون وليس هو من يشرع ولا من يضع القانون .. الإدارة تطالبه بآداء دوره، والعدالة تطالبه بشدة بآداء واجبه، والمواطن المسكين المتضرر في عرضه وماله وروحه يطالبه بآداء دوره ..
المضحك المبكي في الموضوع أن جميع القوى الضاغطة التي سبق ذكرها مسلطة على عون الأمن والكل يطالبه .. في حين لا مصغ لمطالبه في توفير العتاد الذي يمكنه من العمل .. وحماية نفسه .. أليس له أطفال ينتظرون في لهفة عودته مساءا ؟؟ أليست لعون الأمن زوجة أو حبيبة أو أم أو أخت أو صديق ينتظرون عودته سالما؟؟؟ أوليست له التزامات مادية ودور في شراء الحليب لأطفاله وجلب الطعام لأفواههم، أم أن أبناء أعوان الأمن لا يعتبرون أطفالا ؟؟؟؟
المؤسف أنه يوجد البعض ممن يوظفون حوادث عرضية تحدث في أعتى الدول ولا ينظر إليها أصلا للهجوم بشراسة في كل مرة على أعوان الأمن سعيا لتوريطهم في قضايا مختلفة السؤال البريء في الأمر هو ... ما المقصود من ذلك ؟؟؟ أنكف عن القيام بأعمالنا؟؟ أنترك البلاد فوضى ولقمة سائغة بين أيدي المجرمين ؟؟؟
يوميا يتقدم أشخاص يطلبون منا العون ويستنجدون بنا من بطش المجرمين .. أتعلمون ما الذي نحمله ونحن نتجه إلى المجرمين؟؟ عصا إدارية بائسة وأحيانا علبة غاز مشل للحركة لا تسمن ولا تغني من جوع .. وهل تعلمون ما الذي نجده في أيدي المجرمين؟؟؟؟ سيوف وسكاكين وعصيا غليظة وحجارة وأعداد مهولة من المجرمين تفوق عددنا بكثير .. وأيضا عزيمة وكره شديد لأعوان الأمن وكلما لاحقنا منحرفا تفتح له جميع الأبواب لحمايته في حين توصد دوننا ونرمى بالحجارة ونطعن بالسيوف .. يوميا يصاب أعواني ويواصلون كفاحهم .. يوميا نتألم لكننا نعمل على أمل التحسّن .. تعلمنا أن نعمل في صمت لكن إلى متى ..
الحقيقة أن كل منا يخرج من منزله حاملا كفنه ولا نصدق أننا يوما في مأمن .. فما المقابل في ذلك .. كل يوم سب ولعنات .. ومحامون يرفعون شعارات معادية لنا في أروقة المحاكم ويتبجحون بسبنا .. إن كان السباب واللعنات مشروع هؤلاء فأقول لهم أننا نستطيع جوابهم بما يذكرون لكن مستوانا أرفع من ذلك .. وتوظيف المجرمين لحصول على دعايات انتخابية مجانية وتعبئة ما يمكن من جماهير أو تهديد وابتزاز السلطة الحاكمة إنما هو الجبن بعينه، وكان الأجدر بهم أن يعمدوا إلى برنامج واضح فيه خير العباد فيتبعونهم .. أما الأمن فهو تنطبق عليه المقولة الشعبية "لحمة الكرومة متّاكلة ومذمومة"...
هذه الحيرة أراها يوميا في أعين أعواني .. يعملون معي بصدق والله على ذلك شهيد .. وأعمل معهم أب وأخ والله على ذلك شهيد .. مررنا بأيام حالكة أصبحنا فيها هدفا سائغا للجميع وتشردنا معا وحملنا السلاح معا وحمينا شعبنا معا .. نحن المكلفون بمكافحة الجرائم ، جرحنا معا وسررنا معا وعوقبنا معا وليكن الله حامينا وأقول لأولئك الناس الذين ينشرون إشاعاتهم ويمعنون في إذايتنا " الله مولانا ولا مولى لكم وهو ناصرنا ونعم النصير ......"